الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }

{ قَالَ } ابليس مخبراً بمانعه من السجود { أَنَا خَيْرٌ مِنهُ } من آدم الذي خلقته بيديك وقال استدلالاً على كونه خيراً منه* { خَلَقْتَنِي مِن نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين } والنار أفضل من الطين لانها تغلبه وتأكله وتضيء وهذا قياس من الشكل الأول متضمن لقياس آخر أي لو كان مثلي لم يحسن أن أسجد له لعدم مزيته فكيف أسجد له وأنا خير منه؟ ولقد أخطأ لأن مآل النار الى الرماد الذي لا ينفع والطين أصل لما هو نام كالانسان والشجر المثمر والانسان والشجر المثمر أفضل ولو سلمنا أن النار خير من الطين بوجه أو بوجهين أو أكثر لكن الطين خير من وجوه أكثر من تلك الوجوه مثل رجل له نسب لكنه عار عن كل فضيلة ولا شك أن الذي لا نسب له لكنه فاضل عالم أفضل وأيضاً أخطأ في مراعاة جانب الخالق فان الحق أن يراعى جانب الخالق فيسجد لمن أمره أن يسجد له ولو كان دونه تعظيماً لأمر الخالق كما سجد الملائكة وهم أفضل تعظيماً لأمره وهلا اقتدي بهم حيث أمر معهم بالسجود ولم يعلم أن السجود لمن هم دونه لو صح أنه دونه بأمر الله أو غلّ وأدخل في العبادة من السجود لله لما فيه من طرح الكبر وخفض الجناح ولو اعتبر عظمة الأمر لسجد وكم من سلطان يستخدم بعض خدمته لبعض ولا مانع من كون معنى قولهما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ } ما منعك أن تسجد لمن خلقته وعلمته وهلا امتثلت أمري ورجحت أمري وعلى مثل أن يأمر الملك وزيره أن يزور بعض السفلة فيمتنع اعتباراً بسفله فيقول له ما منعك أن تتواضع لمن لا يخفي عليّ سفلة هلا راعيت أمري وخطابي وتركت اعتبار سفلة أو من أنت حتى يمنعك من السجود ما لم يمنعهم