الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ }

{ قَالَ } داود والله* { لَقَدْ ظَلَمَكَ } أخوك* { بِسُؤَالِ } أي باستجلاب { نَعْجَتِكَ } الواحدة* { إِلَى نِعَاجِهِ } التسع والتسعين واضافتها اليهن ولتضمين السؤال معنى الاستجلاب والاضافة تعدى بأل ونعجتك مفعولة أضيف اليه وانما أكد الظلم بالقسم واللام وقد مبالغة فى انكار فعل أخيه المخالط له وانما قال ذلك بعد اعتراف الخصم الاخر أو التقدير لقد ظلمك ان كان له الأمر كما يقول* { وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَآءِ } أي الشركاء المتخالطين في الاموال* { لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } أي يظلم بعضهم بعضاً فيما تخالطوه أخبر بوقوع ذلك ليحذر وقريء بفتح الياء بعد الغين على تقدير نون التوكيد للحقيقة مدلولاً عليها بالفتح فان كان أوقف فالوقت هنا لا يحسن والا فحذفها لغير وقف ولا ساكن نادر ومنه كالضرورة قوله أن اضرب عنك الهموم طارفها وقوله كما قيل اليوم خالف تعرف بفتح باء اضرب وفاء خالف وقريء بحذف الياء مدلولاً عليها بالكسرة* { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فانهم لا يظلمون أحداً* { وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ } ما زائدة لتأكيد القلة أو اسم نعت لقليل أي قليل عظيم فى الشأن أو في القلة وقليل خبر وهم مبتدأ وقيل ما زائدة للابهام والتعجب من قلتهم والتعجب من داود وهي أشد الاعمال ذكر الله على كل حال والانصاف من نفسك ومواساة الأخ في المال* { وَظَنَّ } أي رجح وقيل علم* { دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ } بتشديد النون ادغاماً لنون الفعل في نون الضمير. وقرأ أبو عمرو في رواية علي بن نصر بالتخفيف فالضمير الألف راجعاً للخصمين والجمهور على الأول أي اختبرناه أو أوقعناه في فتنة وبلية أو ابتليناه بالذنب وامتحناه بتلك الحكومة هل ينتبه. قال المفسرون تمنى داود يوماً منزلة آبائه ابراهيم واسحق ويعقوب فقال يا رب أرى الخير ذهب به آبائى. فقال لصبرهم على البلاء ابتليت ابراهيم بنمرود وذبح ابنه اسماعيل أو اسحاق، واسحاق أيضاً بذهاب بصره ويعقوب بالحزن على يوسف وذهاب بصره فقال لو بليتنى لصبرت على مثل ذلك فقال أبلوك في شهر كذا في يوم كذا فلما كان اليوم دخل محرابه وأغلق الباب وجعل يصلي ويقرأ الزبور فجاءه الشيطان في صورة حمامة من ذهب فيها كل لون حسن جناحاها من الدر والياقوت والزبرجد فوقعت بين رجليه فأعجبه حسنها فمد يده ليريها بني اسرائيل فينظروا قدرة الله فطارت ووقعت حيث يطمع فيها فمد يده فطارت الى كوة، فذهب ليأخذها فطارت فاتبعها بصره ليرى أين تقع فيبعث من يصيدها فأبصر امرأة في بستان على شط بركة تغتسل وقيل رآها على سطح لها ولم ير مثلها فأبصرت ظله فنفضت شعرها فغطى بدنها فزاده ذلك عجباً فسأل فقيل تشايع بنت شايع امرأة أوريا بن حنان وزوجها في غزوة بالفلقاء مع أيوب بن صوريا ابن أخت داود فكتب الى ابن أخته أن يبعث أوريا الى موضع كذا ويقدمه أمام التابوت وكان من قدم أمامه لا يحل له أن يرجع الى ورائه حتى يفتح أو يموت فبعثه ففتح له فكتب الى داود بذلك فكتب اليه أن ابعثه الى عدو كذا وكذا وكان أشد فبعثه فمات في المرة الثالثة فلما انقضت عدتها تزوجها وولدت سليمان.

السابقالتالي
2 3 4