الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ وتركنا عليه في الآخرين سلام على إِل ياسين } بمنع الصرف العلمية والعجمة وياسين هو الياس وهو لغة فيه كسيناء وسينين وقريء على الياسين بوصل اللام من على بالهمزة المكسورة من الياسين قال السهيلي قال ابن جني العرب تتلاعب بالأسماء الأعجمية تلاعبا فياسين والياس والياسين شيء واحد وقيل الياسين جمع إلياس مراد به هو واتباعه كما اريد بآل ياسين هو واتباعه ولفظه آل مقحمة كما يقال مزمير آل داود رد بأنه عجمي فلا يجمع وبأنه لو كان جمعا لقرن بأل فان أل التي فيه ليست للتعريف بل هي بعض حروف مفردة وهمزته أيضا مكسورة قطعية وقد يجاب بأنه قد يرد الجمع بدون آل كسعد وسعود وخصه بعض بالضرورة وبه قال الشيخ سعيد قد ورد والكلام في جمع العلم قيل ويجوز أن يكون الياسين جمعا للمنسوب إلى إلياس كالأعجمية جمعا للأعجم بحذف ياء النسب في الجمع وهو قليل ملبس بالجمع الذي هو جمع المنسوب إليه وقريء على الياسين بالوصل قال جار الله على أنه جمع يراد به الياس وقومه قال وقريء على الياسين وادر يسين وادراسين وادرسين على أتمها لغة في إلياس وإدريس ولعل لزيادة الياء والنون. في السريانية منى اه، وقراءة نافع هي على آل ياسين وهي قراءة نافع وابن عامر ويعقوب وقرأ الباقون على الياسين بقطع الهمزة مكسورة وإسكان اللام قال القاضي وعلى قراءة نافع يكون ياسين ابا الياس فأهله هو الياس ومر غير هذا وقيل ياسين سدينا محمد صلى الله عليه وسلم وقيل القرآن نفعنا الله به وقيل اسمه له او لغيره من كتب الله وكل من هذه الأقوال الثلاثة لا يناسب سائر القصص فيه هذه السورة إذ كل قصة تحتتم بمن بدئت به وهنا بدئت بالياس ولا يناسب أيضا قوله { إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين } إذ الظاهر أن الضمير لإلياس فيما قال القاضي وهو محتمل لا متعين إذ لا مانع لرده للنبي عند من قال أنه المراد بآل ياسين والحق ان الكلام في إلياس وأنه المراد في الآية كلها. فصل قال في عرائس القرآن قال محمد بن اسحاق بن بشار والعلا من أصحاب الأحبار لما قبض الله النبي حزقيل عليه السلام عظمت الأحداث في بني إسرائيل وظهر فيهم الفساد ونسوا عهد الله إليهم في التوراة حتى نصبوا الأوثان وعبدوها من دون الله فبعث الله عز وجل عليهم إلياس عليه السلام نبيا وهو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون عليه السلام بعث إليهم بتجديد ما نسوا وضيعوا من أحكام التوراة وبنوا إسرائيل يومئذ متفرقون في أرض الشام وفيهم ملوك كثيرة وكان يوشع قد فتح أرض الشام ببني إسرائيل وقسمها بينهم وادخل سبطا منهم بعلبك ونواحيها وهم سبط الياس وبعث الله عليهم يومئذ إلياس نبيا وعليهم يومئذ ملك اسمه لاحب قد أضل قومه وأجرأهم على عبادة الصنم وكان هو وقومه يعبدون صنما يقال له بعل وجعل إلياس يدعوهم إلى دين الله عز وجل ولا يجيبونه ولا يطيعونه إلا لاجابا فإنه آمن به فما قيل ثم كفر وقيل لم يؤمن وكان إلياس يقوم بأمره ويسدده وكانت للاحب امرأة يقال لها أريبل وكان يستخلفها على رعيته إذا غاب في غزوة أو غيرها وكانت تبدو للناس كما يبدو زوجها وتركب كما يركب وتجلس في مجلس القضاء وتقضي بين الناس وكانت قتالة الأنبياء وكان لها كاتب رجل مؤمن حكيم يكتم إيمانه وكان قد خلص من يديها ثلاث مائة نبي وكانت تريد قتل كل واحد سرا بحيلة إذا بعثت وكانت في نفسها غير محصنة ولم يكن على وجه الأرض أحسن منها وهي مع ذلك قد تزوجت سبعة ملوك من بني إسرائيل وقتلتهم كلهم بالاغتيال وكانت معمرة ولدت سبعين ولدا وكان للاحب جار من بني إسرائيل رجل صالح يقال له مزدكي وكانت له جنة يعيش منها ويقبل على عمارتها وكانت الجنة إلى جنب قصر الملك وامرأته وكانا يشرفان على الجنة ويتنزهان فيها ويأكلان ويشربان ويقيلان فيها وكان لاحب يحسن جواره وحسدته امرأته وارادت غصب جنته لحسنها ولاشتهارها في ألسنة الناس وقولهم لِمَ لَمْ يغصبها الملك وامرأته ولم تزل تحتال في غصب الجنة وقتل الرجل الصالح والملك ينهاها فلم تجد إليه سبيلا ثم إنه اتفق خروج الملك إلى سفر بعيد فلما طالت غيبته اغتنمت امرأته اريبل الحيلة على مزدكي وهو مقبل على طاعة الله غافل عنها في معيشته فجمعت أريبل جمعا من الناس وأمرتهم أن يشهدوا على مزدكي إنه سب الملك فأجابوها ومن حكمهم قتل من سب الملك إذا قامت البينة بذلك فأحضرت مزدكي وقالت بلغني عنك أنك شتمت الملك وعبته فأنكر ذلك فقالت ان عليك شهودا فأحضرتهم فشهدوا بحضرة الناس عليه بالزور فأمرت بقتله فقتل فأخذت الجنة فغضب الله للعبد الصالح ولما قدم الملك من سفره أخبرته الخبر فقال لها ما احببت ولا وقفت وانا لا نفلح ابدا وان كنا عن جنته لأغنياء قد كنا نتنزه فيها وقد جاورنا منذ زمان طويل فأحسنا جواره وكففنا عنه الأذى لوجوب حقه علينا فختمت أمره بسوء الجوار وما حملك على الاجتراء عليه إلا سفهك وسوء رأيك وقلة تفكرك في العواقب فقالت انما غضبت لك وحكمت بحكمك فقال هلا عفوت عنه فقالت قد كان ما كان فأرسل الله الياس إلى لاحبّ وقومه أن يخبره أن الله غضب لوليه حين قتل ظلما وحلف ان لم يتوبا ولم يردا الجنة على ورثته يهلكهما في جوف الجنة اشر ما يكونان ويدعهما جيفتين تنتشر لحومهما من عظامهما ولا يتمتعان بها إلا قليلا فجاء إلياس فأخبره بما أوحى الله اليه فاشتد غضبه وقال بالياس والله ما أرى الذي تدعونا اليه إلا باطلا والله ما أرى فلانا وفلانا سمى ملوكا منهم قد عبدوا الأوثان إلا على ما نحن عليه يأكلون ويشربون وهم بتعذيبه وقتله فأحسن إلياس فلحق بشواهق الجبال وعاد الملك إلى عبادة بعل وارتقى إلياس اصعب جبل وأوعره ودخل مغارة ويقال بقي فيه سبع سنين شريدا طريدا خلفا يأوي الى الشعاب ويأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وهم في طلبه وقد وضعوا عليه العيون يتوقعون اخباره ويجتهدون في طلبه واخذه والله تعالى يستره ويدفع عنه ولما تم سبع سنين اذن الله تعالى في ظهوره وشفاء غيظه منهم فأمرض الله ابنا للملك وكان احب ولده إليه واعزهم عليه فادلف حتى يئس منه فدعا صنمه بعلا ولم يشف ولما اشتد مرضه طلب الملك إلى خدمة الصنم المذكورين أن يشفعوا له إلى الصنم ومنع الله الشياطين من الدخول في جوفه واجتهدوا في التضرع وابنه يزداد مرضا ولما طال الأمر قال للملك إن في ناحية الشام آلهة أخرى وهي في العظم مثل الهك فابعث اليها انبياءك يشفعوا لك إليها فلعلها تشفع إلهك بعلا فانه غضبان عليك ولولا غضبه لاجابك وشفى ابنك.

السابقالتالي
2 3 4