الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ }

{ فلما بلغ معه السعي } قال ابن عباس - رضي الله عنهما - المشي معه إلى الجبل وعنه ما شب حتى بلغ سعيه سعى ابراهيم قال الخازن والمعنى انه بلغ ان ينصرف معه ويعينه في عمله وعن ابن عباس السعي في هذه الآية العمل والعبادة والمعونة. وقال قتادة السعي على القدم يريد سعيا متمكنا قال بعضهم كان ابن ثلاث عشرة سنة وقيل سبع سنين والراجح ان السعي هنا سعي على الرجلين في اعمال ابيه وإنما قال معه لأن الاب أكمل في الرفق والاستصلاح فلا يتسعيه قبل اوانه او لأنه استوهبه ليسعى معه ومع متعلق بمحذوف أي فلما بلغ السعي مسعه السعي فالسعي الثاني مفعول بلغ والأول مفعول به لبلغ محذوفا ومعه متعلق بهذا الأول كأنه لما قال بلغ السعي قيل مع من قال بلغ السعي معه ولا يتعلق بالسعي بعده لئلا يلزم تقديم معمول المصدر على المصدر وقد يجوز توسيعا في الظروف ولا يتعلق ببلغ ولو كان متبادرا كما قال ابن هشام لاقتضاه بلوغهما معا حد السعي وقد يجوز بناء على ان السعي المراد به حقيقة السعي في ضمن فرد خارج فاذا سعى به إلى الموضع الفلاني فذلك هو السعي الذي بلغه هو وابوه فافهم. { قال يا بني إِني أَرى في المنام إِني أَذبحك فانظر ماذا ترى } فتح الياءين قراءة نافع وابي عمرو وابن كثير وسكنها غيرهم والمعنى اما اني ارى في المنام أن اذبحك متحقق على وواجب واما اني ارى في المنام اني شرعت في ذبحك فلتتهيأ يا بني للذبح ولم ير اراقة دم واما اني ارى ان سأذبحك وإنما قال أرى ولم يقل رأيت حكاية للحال المتجددة لانه رأى ذلك ثلاث مرات والمنام اسم زمان أي زمان النوم أي الوقت الذي نمت فيه او مصدر ميمي أي في النوم. وروي انه رأى في ليلة الثامن ذي الحجة كان قايلا قال له ان الله يأمرك بذبح ابنك هذا فلما أصبح روى ذلك الصباح إلى الرواح امن الله هذا الحلم ام من الشيطان اي فكر في ذلك وهو بتشديد الواو فلذلك سمي يوم التروية وفي الليلة الثانية رأى مثل ذلك فعرف أنه من الله فمن ثم سمى يوم عرفة ثم رأى مثله في الليلة الثالثة فهم بنحره فسمي اليوم يوم النحر. وقيل ان الملائكة حين بشروه بغلام حليم قال هو اذا ذبيح الله فلما ولد وبلغ حد السعي معه قيل له في المنام اوف بنذرك ورأى ذلك في المنام كما رأى يوسف سجود أحد عشر كوكبا والشمس والقمر اشارة إلى سجود ابويه واخوته، وكما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخول المسجد الحرام لتقوية الدلالة على كونهم صادقين مصدقين لأن الحال اما حال يقظة أو منام فاذا تظاهرت الحالتان على الصدق كان ذلك أقوى للدلالة من انفراد احدهما ولتكون مبادرتهما إلى الامتثال ادل على كمال الانقياد والاخلاص ورؤيا الأنبياء وحي وحق وإنما قال له فانظر ماذا ترى مع انها حتم وحق ليعلم حاله في الصبر عند البلاء فهبت قدمه ويصبره ان جزع ويأمن عليه الزلل إن صبر وسلم وليوطن نفسه فيهون عليه البلاء ويكتسب المثوبة بالانقياد له قبل نزوله وليكون سنة في المشاورة ولقد وجده صبورا قابلا لأمر الله مع انه ابن ثلاث عشرة سنة او ابن سبع كما ذكر الله عنه انه غلام حليم وورش بفتح الراء ويكسرها بين بين وابو عمرو يميلها امالة واضحة وغيرهما يخلص فتحها وترى تبصر وتنظر بعقلك وهو من الرأي وقرأ حمزة والكسائي بضم التاء وكسر الراء اي ماذا تريني اي ماذا تخيرني به وقرىء ماذا ترى بالبناء للمفعول أي ما ذا تريك نفسك من الرأي.

السابقالتالي
2 3 4 5 6