الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ }

{ ولو نشاء لطمسنا } مسحنا. { على أعينهم } حتى تكون كالجبهة لا شق فيها ولا جفن وقيل اعمالهم مع بقاء الشق والجفن وعلى كل حال لا يبصرون كما اعمى قلوبهم والضمير قيل لقريش. { فاستبقوا الصراط } عطف على طمسنا وذلك على الفرض والتقدير في التسابق أي قدرانهم يستبقون والاستباق التبادر والصراط طريق المشي وهو مفعول به أي فتبادروا الصراط للمشي كعادتهم او منصوب على نزع إلى أو على الظرفية او على المفعولية على جعل الصراط مسبوقا على طريق الاتساع بجعل المسبوق إليه مسبوقا والمراد الصراط الذي الفوه قبل العمى. { فأنى يبصرون } كيف يبصرون وقد اعميناهم لا يبصرون جهة السلوك التي الفوها وترددوا إليها كثيرا فضلا عن غيرها وعن التبادر والتسابق في ذلك الطريق كعادتهم. وقال ابن عباس اراد اعين البصائر والمعنى لو نشاء لحكمنا عليهم بالكفر فلا يهتدي منهم احد ابدا. وقيل عن ابن عباس لو نشاء لاعمينا اعين ضلالتهم ونقلناهم إلى الهدى فيتبادرون إلى الرشد ويبصرونه وكيف يهتدون ويبصرون الرشد ولم افعل ذلك بهم ويدل على ان الأعين اعين الوجه قرنها بالمسخ بقوله { ولو نشاء لمسخناهم } قردة وخنازير وقيل حجارة والأول قول ابن عباس وفيه ابطال جل قواهم والثاني قول بعضهم وفيه ابطال قواهم بالكلية. { على مكانتهم } أي مكانهم او منزلهم كما يقال مقام ومقامة وقرا أبو بكر مكاناتهم بالجمع وانما عدى المسخ بعلى لتضمينه معنى القصر والحبس فان المعنى لو نشاء لمسخناهم مسخا يقصرهم على المكان الذي هم فيه حال المسخ فلا يقدرون على اقبال ولا ادبا وانظر كيف يناسب هذا ما بعده تفسير ابن عباس المسخ بالمسخ قردة وخنازير مع أنها تتحرك وتقبل وتدبر ولعله يقول أن المعنى لو نشاء لمسخناهم كذلك وزدنا ان لا يقبلوا ولا يدروا ويجوز ان تفسر المكانة بالقوة أي هم مع قوتهم التي يدعونها في قبضتنا لا يمنعون أنفسهم عما اردنا بهم من مسخ لو اردناه ويجوز جعل على بمعنى في في ذلك كله. وقال قتادة المعنى لو نشاء لأقعدناهم على ارجلهم وازمناهم وعليه جرى الشيخ هود - رحمه الله -. { فما استطاعوا مضيا } اصله مضويا كقعود بمعنى الذهاب قلبت الواو ياء وادغمت في الياء لاجتماعهما وسكون السابقة منهما وكسرت الضاد للمناسبة وقرىء بكسر الميم تبعا لها وقرىء مضيا بفتحها على وزن فعيل للدلالة على لاسير مثل دب دبيبا وخب خبيبا. { ولا يرجعون } عطف على ما استطاعوا ولم يقل ولا رجوعا عطفا على مضيا وتطبيقا له لأجل الفاصلة وقيل المعنى ولا يرجعون عن تكذيبهم وقيل لا يقدرون أن يرجعوا إلى حالهم قبل المسخ وهم احقاء ان يفعل بهم ذلك ولكن اخروا رحمة وحلما وحكمة.