الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ قل من يرزقكم من السمٰوات } بالمطر. { والأرض } بالنبات وذلك تقرير لقوله لا يملكون الخ فلما لم يكن لهم جواب اذ لا يصح ان يقولوا ان الرازق غيره تعالى فانهم قد اقروا بذلك بقلوبهم ولكن لا ينطقون اذا سئلوا خوف الالزام والغلبة امر الله سبحانه نبيه بالجواب. { قل الله } اي الذي يرزقكم هو الله فكيف تعبدون سواه. { وانا واياكم لعلى هدى او في ضلال مبين } او في الموضعين للابهام. وقال ابن هشام التي للابهام هي الاولى وحدها ووجه الشمني بان اعتبار الابهام في احداهما يغني عن اعتباره في الاخرى والاولى اولى بالاعتبار لسبقها والتحقيق ان الابهام معتبر فيهما معا والمعنى وان احد الفريقين منا ومنكم لثبات له احد الامرين كونه على هدى وكونه في ضلال مبين اخرج الكلام في صورة الاحتمال مع العلم بان من وجد الله المنفرد بالقدرة الذاتية والرزق وعبده فهو على هدى وان من عبد غيره ممن ليس كذلك فهو في ضلال مبين توطينا لنفوس المخاطبين ليكونوا اقبل لما يلقي اليهم إن التعريض اوصل بالمجادل الى الغرض وفل شوكة الخصم بالهويناء ومع كون او للابهام لا يخفي الرمز الى التعبير لاقتضاء التناسب صرف ما بعد او الثانية لما بعد او الاول وصرف ما قبلها لما قبلها ولاقتضاه الترتيب ايضا ذلك وانما ادخل على الهدى علي وعلى ضلال في لان صاحب الحق كالراكب على جواد يركض حيث شاء وكمن صعد منارا ينظر حيث شاء ويطلع على ما شاء وصاحب الباطل كانه منغمس في بحر او مطمورة او ظلام لا يدري اين يتوجه، وقيل التي للابهام هي الثانية لان الشرط تقدم كلام خبري وهو انما يتحقق بقوله لعلى هدى لان ما قبله ليس كلاما وقد يقال لعلى هدى أو في ضلال مبين خبر عن الاول وحذف خبر الثاني او بالعكس لانه لا يتعين كونه خبرا عنهما ان صلح لذلك وعلى كل وجه فالشرط موجود مع انه قد يمنع اشتراطه وقرأ ابي وانا او اياكم اما على هدى او في ضلال مبين وذكر القاضي ان في القول بان الآية على اللف والنشر نظرا قيل لان ذلك في العطف بالواو باجعل او هنا بمعنى الواو نادر شاذ قلت لا يختص ذلك بالواو كما قال وقد لا نسلم ان كون او بمعنى الواو هنا نادر شاذ.