الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً }

{ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم } التي انعم بها عليكم يوم الاحزاب وهو يوم الخندق. { إذ } بدل من نعمة بدل اشتمال او متعلق بنعمة لايمائه الى معنى الانعام بكسر الهمزة او هو طرف متعلق بمحذوف حال من نعمة. { جاءتكم جنود } من الكفار متحزبون ايام حفر الخندق قريش وغطفان ويهود قريضة والنظير وعددهم يقارب اثني عشر الفا واما المسلمون فثلاثة آلاف وقيل غير ذلك على ما يأتي ان شاء الله. { فأرسلنا عليهم ريحا } باردة تسفي التراب في وجوههم في ليلة شاتية باردة وهي ريح الصبا قال صلى الله عليه وسلم " نصرت بالصباء وأهلكت عاد بالدبور ". قال عكرمة قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب انطلقي بنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت الشمال ان الحرة لا تسري بالليل فارسلت الصبا قيل الصبا ريح فيها روح ما هبت على محزون الا ذهب حزنه. { وجنودا لم تروها } وهم الملائكة وكانوا ألفا تقطع اطناب الفساطيط وتقلع الاوتاد وتطفي النيران وتكفي القدور وكثر تسبيحهم في جوانب العسكر وفي وسطهم وتكبيرهم فخافوا وماجت الخيل بعضها في بعض وقذف في قلوبهم الرعب وكان سيد كل حي يقول يا بني فلان هلموا فاذا اجتمعوا عنده قال النجاة النجاة فانهزموا من غير قتال. قال طلحة ابن خوالد الأسدي أما محمد فقد بدأكم بسحره فالنجاة النجاة. { وكان الله بما تعملون } من حفر الخندق والتحصن. { بصيرا } وقرأ البصريان { يعملون } بالتحتية اي بما يعمل المشركون من التحزب والمحاربة وقام الفريقان على الخندق نحو شهر لا حرب بينهم الا رميا بالنبل والرمي بالحجارة. ذكر غزوة الخندق من المواهب سميت غزوة الخندق لأجل الخندق الذي حفر حول المدينة بأمره صلى الله عليه وسلم، ولم يكن اتخاذ الخندق من شأن العرب ولكنه من مكائد الفرس وكان الذي اشار اليه سلمان رضي الله عنه قال يا رسول الله انا كنا بفارس اذا حوصرنا خندقنا علينا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفره وعمل فيه بنفسه ترغيبا للمسلمين، واما تسميتها بغزوة الاحزاب فلإجتماع طوائف من المشركين على حرب المسلمين وهم قريش وغطفان واليهود ومن معهم. قال موسى بن عقبة كان ذلك في شوال سنة اربع، وقال ابن اسحاق في شوال سنة خمس ورجح الاول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض ابن عمر يوم أحد وهو ابن اربع عشرة فلم يجزه وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجازه فيكون بينهما سنة واحدة وأحد كانت سنة ثلاث فيكون الخندق سنة اربع ولا حجة فيه اذا ثبت لنا انها كانت سنة خمس لاحتمال ان يكون ابن عمر في أحد اول ما طعن في الرابعة عشر وفي الاحزاب استكمل الخمس عشرة والمشهور قيل انها في السنة الرابعة وكان من حديث هذه الغزوة ان نفرا من يهود خرجوا حتى قدموا مكة على قريش وقالوا انا سنكون معكم عليه واستعدوا حتى نستأصله فاجتمعوا لذلك واستعدوا ثم خرج اولئك اليهود حتى جاءوا غطفان من قيس غيلان فدعوهم الى حربة صلى الله عليه وسلم، وأخبروهم انهم سيكونون معهم عليه وان قريشا قد بايعوهم على ذلك واجتمعوا معهم فخرجت قريش وقائدها ابو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن في فزارة والحارث بن عوف المري في مرة وكان عدتهم فيما قاله ابن اسحاق عشرة آلاف والمسلمون ثلاثة آلاف وقيل غير ذلك وذكر ابن سعد انه كان مع المسلمين ستة وثلاثون فرسا ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاحزاب وبما اجمعوا عليه من الامر ضرب على المسلمين الخندق وأبطا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين في عملهم ذلك ناس من المنافقين وجعلوا يورون عن العمل بالضعف.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد