الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً }

{ وإذ تقول } اي واذكر اذ تقول. { للذي أنعم الله عليه } بالاسلام وتوفيقك لعتقه واختصاصه بالتبني وتوفيقك لان خطبت له المرأة الجميلة وزوجتها له. { وأنعمت عليه } بما وفقتك اليه وهو زيد بن حارثة. { أمسك عليك } عمل الواحد وهو امسك في ضميرين لواحد وهما الضمير المستتر والكاف لان الكاف توصل اليه ذلك العامل بعلى أو لتقدير مضاف اي على نفسك. { زوجك } زينب او ام كلثوم على ما مر وذلك " ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجها من زيد ومكثت عنده حينا اتى زيدا يوما لحاجة فأبصرها في درع وخمار وهي بيضاء جميلة من اتم نساء قريش فوقعت في نفسه واعجبه حسنها فقال " سبحان الله مقلب القلوب القى الله سبحانه في قلبه حبها بعد ان كان لا يحبها " فلما جاء زيد ذكرت له ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففطن لذلك والقى الله كراهتها في قلبه في الوقت فذهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اني اريد ان افارق صاحبتي فقال له " مالك ارابك منها شيء " قال لا والله يا رسول الله ما رأيت منها الا خيرا ولكنها تتعظم علي بشرفها وتؤذيني بلسانها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمسك عليك زوجك ". { واتق الله } فيها ولا تفارقها اولا تنسبها الى التعظيم بشرفها والاذاء بلسانها فانها مؤمنة لا يليق بها ذلك. وقال الكلبي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى زيدا زائرا فأبصرها قائمة فأعجبته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سبحان الله مقلب القلوب " فرأى زيد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مر بها وقال يا رسول الله ائذن لي في طلاقها فان فيها كبر وانها لتؤذيني بلسانها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " امسك عليك زوجك واتق الله في أمر طلاقها فلا تطلقها ضرارا او تعللا بتكبرها " فأمسكها ما شاء الله ثم طلقها فلما انقضت عدتها انزل الله نكاح رسول الله سبحانه اياها { واذ تقول للذي أنعم الله عليه } الى قوله { فلما قضى زيد منها وطرا } ". وان قلت كيف رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اعجبته؟ قلت هي رؤية فجأة لم يتعمدها لسوء حاشاه وبتلك الرؤية الفجائية حصل في قلبه استحسانها واعجبته او رأى وجهها لا لشهوة بل كانت النساء لا تحتجبين منه فحصل له ذلك. وروي عن علي بن الحسن ان الله سبحانه وتعالى اوحى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان زيدا يطلق زينب واني ازوجكها فلما يشكي زيد للنبي صلى الله عليه وسلم خلق زينب وانها لا تطيعه واعلمه انه يريد طلاقها قال له النبي صلى الله عليه وسلم على جهة الأدب والوصية " اتق الله في قولك وامسك عليك زوجك " وهو يعلم انه سيفارقها ولم يرد ان يأمره بالطلاق لعلمه انه سيتزوجها وأمره قيل بإمساكها قمعا للشهوة وردا للنفس عما تهوى ووجهه مع علمه انه سيتزوجها ان الله لم يأمره بتزوجه في ذلك الوقت فجاز له التأخير للقمع والرد المذكورين.

السابقالتالي
2 3 4