الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } * { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }

{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } وضم عاصم همزة أسوة هنا وفي الموضعين فى الممتحنة وهو لغة والأسوة بالكسرة والضم الخصلة يقتدى بها كثباته صلى الله عليه وسلم في الحرب وتحمله المشاق والشدائد وهو في نفسه قدوة بحسن التأسي به فالظرفية مجازية كقولك هذا الطعام عشرون مدا اي هو في نفسه عشرون مدا لا زيادة فيه فهو صلى الله عليه وسلم فيه تلك الاسوة وهي غيره وهي شأنه في الحرب وتحمل الاذى ككسر رباعيته وقتل عمه حمزة رضي الله عنه فاستنوا بسنته ووازروه وأنصروه ولا تخالفوه. { لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } لمن بدل من لكم بدل بعض بناء على ان الخطاب في لكم للمؤمنين وغيرهم فانما أبدل الظاهر مع اللام من الضمير مع اللام لأن الظاهر بعض من ذلك الضمير ولك ان تقول الخطاب في لكم للمؤمنين ويبدل لمن من لكم ملاحظة لعلموم من واحاطتها كأن قيل لكم يا مؤمنون لجميع من يرجو الله ويراد بجميع من يرجو الله المؤمنون المحاطون وعلى هذا فهو من بدل الشيء من الشيء واجاز الاخفش والكوفيون ابدال الظاهر من الضمير الحاصر بدل شيء من شيء ولو يكن البدل للاحاطة وعبارة القاضي الاكثر من ضمير المخاطب لا ببدل منه وأجاز تعليق لمن بحسنة أو بمحذوف وقعت لحسنة ومعنى يرجو الله يرجو ثوابه او نعيمه الدائم او لقاءه على رضى لا سخط وايامه هي ايام النصر وان قلت فما معنى رجاء اليوم الآخر قلت رجاءه بنفسه لوقوع الخير فيه التشريف ويجوز كون المراد لمن كان يرجو اليوم الآخر وذكر الله تلذذا كقولك اعجبني زيد وفضله ولم ترد ايقاع الاعجاب الا على فضله ويجوز كون الرجاء بمعنى الخوف كذا ظهر والحمد لله. { وذكر الله كثيرا } في جميع الاماكن والاحوال لا في السراء وحدها شرط للرجاء كثرة الذكر باللسان مع القلب فان ذلك هي حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحواله التي يقتدى بها فمقارنة الرجاء والذكر الكثير يتصل الانسان ملازمة الطاعات ويحتمل ان يكون المراد بذكر الله احضاره في القلب فينهض للطاعة وعند طلب النفس المعصية فيتزجر عنها. وعن جابر بن عبدالله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " " أيها الناس إِن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر في الأرض فارتعوا في رياض الجنة " قالوا وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال " مجالس الذكر في الارض فاغدوا وروحوا في ذكر الله وذكروا انفسكم من كان يحب ان يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده فان الله ينزل العبد منه حيث انزله من نفسه " ".

السابقالتالي
2