الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَحْسَبُونَ ٱلأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي ٱلأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَآئِكُمْ وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ مَّا قَاتَلُوۤاْ إِلاَّ قَلِيلاً }

{ يحسبون } يعتقد هؤلاء المنافقون وقيل يظنون. { الأحزاب } من الكفار. { لم يذهبوا } وهم قد ذهبوا وانهزموا ففروا لداخل المدينة من الخندق لما بهم من الخوف الشديد والجبن فكم بين هؤلاء والذي يفدون النبي بأنفسهم وأموالهم وقلوبهم روي ان رجلا من أصحاب النبي صلى الله عيله وسلم لما مسهم الحصر والبلاء في الخندق رجع الى اهله ليصيب طعاما وإداما فأصاب أخاه يتغذى بالتمر فدعاه فقال اخوه المؤمن بخلت على رسول الله بنفسك فلا حاجة لي في طعامك. { وإن يأت الأحزاب } رجعوا للقتال بعد الذهاب. { يودوا } يتمن هؤلاء المنافقون او يحبوا. { لو أنهم بادون في الأعراب } لو مصدرية والمصدر مفعول يودوا ومعنى بادون اصحاب بادية كقولك لابنون اي اصحاب لبن وهو اسم فاعل للنسب اصله باديون نقلت ضمة الياء للدال فحذفت الياء للساكن بعدها واصل تلك الياء واو رجعت ياء لتقدم الكسرة او هو اسم فاعل لغير النسب من بدء بمعنى دخل البدو او صار من اهله اي داخلون البدو او كائنون من اهله وفي للظرفية اي في جملة الاعراب وبينهم وهم اصحاب البدو او بمعنى مع وانما يحبون ذلك ويتمنونه ليسلموا من القتال يعني ان الخوف والجبن تمكنا من قلوبهم ولا يزولان فكما هربوا هذه المرة يهربون المرة الاخرى لو رجع القتال وفي مصحف ابن مسعود " يحسبون الاحزاب قد ذهبوا فاذا وجدوهم لم يذهبوا ودوا انهم بادون في الاعراب " وقري { بدا } كغزا وهو المعل كساجد ومسجد من الصحيح وقريء { بدي } بالكسر والتخفيف كعاد وعدي. { يسألون } كل من قدم المدينة من جهة الخندق او من جهة الكفار سواء كان القادم منهم او من غيرهم وقيل المراد يسألون من قدم منهم والواضح الاول. { عن أنبائكم } أخباركم مع الكفار وذلك للخوف على انفسهم واموالهم وعيالهم وكانوا يتمنون ان يظفر المشركون بالمؤمنين من غير ان تدخل عليهم في ذلك مضرة وقريء { يسألون } بتشديد السين بعد همزة يفتعلون من السؤال ابدلت التاء سينا وادغمت فيها السين فهو كقراءة الجمهور او يتفاعلون من السؤال ابدلت وادغمت السين وحذفت الالف فمعناه يسأل بعضهم بعضا ماذا سمعت ماذا بلغك. { ولو كانوا فيكم } ولم يرجعوا الى المدينة وكان قتال. { ما قاتلوا إلا قليلا } قتالا قليلا او زمانا قليلا خوفا من التعبير بعدم القتال ورياء فحضورهم رغبتهم سواء وما خيانتهم الا وبال عليهم يخافون التعبير فيقاتلون قليلا لاقامة العذر ولا يخافون الله وعن بعضهم القليل هنا الرمي بالحجارة.