الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ }

{ إذ } بدل من إذا. { جاءوكم من فوقكم } من أعلى الوادي من قبل المشرق جاءت منه غطفان. { ومن أسفل منكم } اسفل الوادي من قبل المغرب جاءت منه قريش. قال الحسن من أعلى المدينة ومن أسفلها. قال الكلبي جاء من اعلى الوادي عيينة ومن اسفله ابو الاعور السلمي. قال مجاهد من فوقكم يريد أهل نجد مع عيينة ومن اسفل منكم يريد اهل مكة وسائر تهامة والواضح ان الذين من فوق الوادي من المشرق اسد وغطفان وعليهم مالك بن عوف النظري وعيينة في الف من غطفان ومعهم طلحة بن خويلد الاسدي في بني اسد وحيي بن اخطب في يهود قريضة والذين من اسفل الوادي وهو بطنه من قبل المغرب قريش وكنانة وعليهم ابو سفيان ومن تبعه وابو الاعور من قبل الخندق. { وإذ زاغت الأبصار } مالت من مستوى نظرها حيرة وشخوصا للرعب وقيل عدلت عن كل شيء فلم تلتفت الا الى عدوها قاله جار الله. { وبلغت القلوب الحناجر } حنجرة وهي رأس الغلصمة وهي منتهى الحلقوم مدخل الطعام والشراب. وقال شيخ الاسلام المشهور ان الحلقوم مرجى النفس وان المريء مجرى الطعام والشارب وهو تحت الحلقوم وانما بلغت قلوبهم حناجرهم لشدة الخوف وذلك انهم قالوا اذا انتفخت الرئة من شدة الفزع او الغضب او الغم الشديد ربت وارتفع القلب بارتفاعها الى رأس الحنجرة ومن ثم قيل للجبان انتفخ سحره ويجوز ان يكون المراد ببلوغها الحناجر ثوران النفس وتفرقه حتى كان القلب يصعد علوا وذلك لتحركه وان يكون ذلك مثلا في اضطراب القلوب وان لم تلغ الحناجر حقيقة. { وتظنون بالله الظنونا } الذي يظهر لي أن الخطاب للمؤمنين وان الظنونا الخواطر التي خطرت لهم ولا يمكن للبشر دفعها، وأما المنافقون فرسخت فيهم وعملوا بها ونطقوا بها وجمع الظن للتنويع وظنوا الظنون المختفية بالنصر واليأس ويجوز ان يكون الخطاب للمنافقين ان محمدا وأصحابه يقتلون وان يكون لهم وللمؤمنين فهم ظنوا ان المسلمين يستأصلون وظن المسلمون انهم يبتلون كما قاله الحسن او ظن المؤمنون المخلصون الذين ثبتت أقدامهم ان الله سبحانه يبتليهم فخافوا الزلل والضعف عن احتمال البلية وظن المؤمنون الضعاف القلوب الذين هم على جرف والمنافقون الذين لا إيمان في قلوبهم. { ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } قيل ظن المؤمنون الظفر بهم والمنافقون استئصال محمد واصحابه وزيدت الألف بعد النون اجراء للفاصلة مجرى القافية واجرى نافع وابن عامر وابوبكر الوصل في ذلك مجرى الوقف فأثبتوا الالف وصلا ووقفا ولم يزدها ابو عمرو وحمزة ويعقوب مطلقا وهو القياس وقرىء بزيادتها في الوقوف. وقال الامام ابو عمرو الدالي قرأ حمزة وابو عمرو باسقاط الألف وصلا ووقفا وابن كثير وحفص والكماني بحذفها وصلا والباقون باثباتها وكذا في الرسول والسبيل.