الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ }

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم وَاخْشَوْا يَوْماً } الخطاب للناس مطلقا وقيل المراد اهل مكة وقيل المؤمنين والمراد اخشوا عقاب يوم { لا يَجْزِي } لا يقضي وقرىء لا يجزي بضم الياء وبعد الزاء همزة من أجزأ عنه بمعنى عفى عنه. { وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ } اي لا يقضي عنه شيئا ولا يغني عنه شيئا والجملة نعت يوما والرابط محذوف اي لا يجزي فيه. { وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً } فاذا كان الوالد لا يجزي عن ولده والولد لا يجزي عن والده مع كمال الشفقة والنفع بينهما في الدنيا فكيف غيرهما كل انسان حتى الأنبياء يقول نفسي نفسي ولا يهمه غيره الا هذا النبي الكريم على الله فانه يهمة أمر أمته، وجاز كقاض هو اسم فاعل على القراءة الأولى واما على الثانية فالفعل من اجزاء بمعنى اغنى وهو مهموز والوصف من جزى بالالف بمعنى قضى أو من جزى بالألف بمعنى أجزى وكذا يصح في يجزي في القراءة الأولى ان يكون بمعنى يجزي الذي هو من اجزاء وانما كذا الحكم في الجملة الثانية بجعلها اسمية ويذكر هو لان الخطاب للمؤمنين فيما قيل وقد قبض آبائهم على الكفر فحسم طمعهم ان ينتفعوا لهم في الآخرة فاذا لم تقبل شفاعة المولود في الوالد الأدنى فكيف في الجد او غيره والوالد يطلق على الأب والجد وان علا والمولود لا يطلق الا على من ولدت الأم والظاهر ان الخطاب للناس مطلقا وان التأكيد بالجملة الاسمية والضمير قطع لما قد يتوهم المؤمن والكتابي من ان ينفع أباه في الآخرة ولما يقوله المشرك من انه ان صح البعث شفع لي ولدي وكذا الولد يقول ان صح البعث شفع لي والدي واشعار بأن المولود اولى بأن لا يجزي عن والده وشيئا مفعول به لقوله جاز ويقدر مثله ليجزي وكذا ان جعلناه مفعولا مطلقا ولك جعله من التنازع اذا كان مفعولا به واجاز بعضهم التنازع في المفعول المطلق وهو الصحيح فيجوز كونه مفعولا مطلقا متنازعا فيه فيقدر ضميره مفعولا مطلقا للمهمل ولا يخفى ما في التعبير بشيء في سياق النفي اي لا يجزي احدهما عن الآخر في اقل قليل من هول اليوم او عذابه بأن يدفعه عنه ومولود مبتدأ خبره هو جاز وزعم بعضهم انه يجوز عطفه على والد وهو غير لأنه حينئذ يتعطل قوله هو جاز. { إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ } اي ان وعده بالبعث حق لا يمكن خلفه او ان وعده بالثواب والعقاب او ان وعده بذلك اليوم او ان وعده بالثواب والعقاب او ان وعده بعدم قضاء والد عن ولد ومولود عن والد والثلاثة الأولى اولى وهي متقاربة.

السابقالتالي
2