الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ }

{ وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ } توسط فيه لا تجعله دبيبا ولا اسراعا قال صلى الله عليه وسلم " سرعة المشي تذهب بها المؤمن " ، وفي رواية بهاء الوجه واما قول عائشة في النبي صلى الله عليه وسلم او في عمر رضي الله عنه كان اذا مشى أسرع، فانما ارادت بذلك السرعة المرتفعة عن الدبيب المتوسطة المصحوبة بالسكينة والوقار وقرىء بفتح الهمزة وقطعها وكسر الصاد من قولك اقصد زيد بمعنى سدد واقصد الرامي اذا سدد سهمه نحو الرمية وقصد يقصد بفتح عين الماضي وكسر عين المضارع سواء كان بمعنى التوسط كما في الآية او بمعنى التوجه الى الشيء والقصد اليه كما نص عليه في المصباح والقاموس. { وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ } اي خفض منه وانقص منه يقال غض زيد من عمرو اذا قصر به ووضع منه ونقصه ففي غض الصوت توقير المتكلم وبسط لنفس السامع وفهم. { إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ } أي إن اوحشها وأقبحها عندك وعند امثالك من الناس لصوت الحمير أوله زفير وآخره شهيق وهما لاهل النار فكيف تغلظ صوتك وتجهر به حتى يضاهي صوت الحمير والجملة تعليل للأمر بالغض او ذلك مبالغة شديدة في ذم رفع الصوت وتهجينه وافراط في التثبيط عنه والترغيب عنه وتنبيه على انه من كراهة الله بمكان فوق ما تكرهه يا انسان من صوت الحمير حيث شبه الرافعين اصواتهم بالحمير ومثل اوصواتهم بالنهيق واخلى الكلام من لفظ التشبيه واخرج ذلك مخرج الاستعارة فكأنه قيل ان انكر الاصوات وأبغضها عند الله لصوت هؤلاء الذين صوتهم في الاعلان كصوت الحمير والحمار مثل في الذم البليغ عند الناس وكذا نهاقه ومن استفحاش الناس له الكناية عنه بطويل الاذنين، وقد عد من مساويء الادب ذكره في مجلس أولى المروءة ومن العرب من لا يركبه استكبارا وان بلغ الجهد، وانما افرد صوت الحمير لانه لم يرد ذكر صوت كل واحد من احاد هذا الجنس بل اراد ان لكل حيوان صوتا وان انكر اصوات الحيوان كله صوت هذا الجنس او لان اضافته للاستغراق فمعناه اصوات الحمير او لانه في الاصل مصدر ومعناه تحريك اللسان والمخارج مثلا ثم اطلق على الالفاظ المسوعة مثلا وفي الحديث " إِذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فانها رأت شيطانا ". وقال سفيان الثوري صياح كل شيء تسبيح إلا صياح الحمير. وعن ابي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم " إِذا سمعتم الديكة فاسألوا الله من فضله فإِنها رأت ملكا وإِذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فانها رأت شيطانا " ، وفي رواية " إِذا سمعتم الديكة تصيح بالليل ".

السابقالتالي
2 3