الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ }

{ اللهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ } اي خلقكم ضعفاء وجعل الضعف اساس امركم وهو ضعف الجنين والطفولية او المعنى خلقكم من شيء ضعيف وهو النطفة او هي وما بعدها. { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ } هو الضعف المذكور من ارادة المعنى الواحد ينكره بعد اخرى وهو خلاف الغالب ولا مانع من كون الضعف الأول النطفة والثاني ضعف الجنين والطفولية ثم رأيت بعض المفسرين نص على ذلك والحمد لله. { قُوَةً } القوة التي تكون فيه اذا بلغ الحلم أو قارب أو قبل ذلك او تعلق الروح بالبدن وقيل قوة الشباب. { ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَةٍ } هي القوة المذكورة بأوجهها او يراد باحداهما مالم يرد بالاخرى مثل ان يراد بهذه قوة الشباب او الكهولة وبتلك قوة البلوغ الحلم او مقاربته. { ضَعْفاً } هو ضعف الهرم او ما قبله من الضعف فان من بلغ الأربعين نقصت قوته وقرأ عاصم وحمزة بفتح ضاد الثلاثة والضم أقوى لما روي أن ابن عمر قال قرأت من ضعف بالفتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقرآنية بالضم، وهما لغتان وقال كثير من اللغويين الضم في البدن والفتح في العقل والاوضح ان يقال الضم في الاجسام ومنه قوله تعالى { خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } الخ. والفتح في المعاني كقولهم في هذا القول أو الرواية أو التوجيه أو الدليل ضعف والضعف بكسر الكثرة ومنه قوله تعالىجزاء الضعف } { وَشَيْبَةً } هي تمام النقصان وفيما قيل قال صلى الله عليه وسلم " لا تكرهوا الشيب فانه نور " وقال " لا تنتفوا الشيب ما من مسلم يشيب شيبة في الاسلام الا كانت له نورا يوم القيامة " ، وفي رواية " إلا كتب الله بها حسنة وحط عنه بها سيئة " وكره بعض قومنا نتفه ومذهبنا التحريم. { يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } من ضعف وقوة وشيبة وذكر القوة يغني عن ذكر الشباب. { وَهُوَ العَلِيمُ } بتدبير خلقه. { القَدِيرُ } ومن دليل العلم والقدرة ترديد المخلوق بين هذه الاحوال المتنافرة مع امكان غير هذا الترديد فليس ذلك من افعال الطبيعة بل فعل الله بمشيئة وقدرة وعلم.