الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

{ ظَهَرَ الفَسَادَ } القحط وقلة المطر وقلة الريح وكثرة الحرق والفرق وموت الناس والدواب ورجوع الغائصين من قعر البحر بلا فائدة وكثرة المضار والضلال والظلم ومن ذلك اغراق فرعون وقومه وخسف الارض بقوم لوط ورجمهم واخذ الصيحة ثمود. { فِي البَرِّ وَالبَحْرِ } وقال مجاهد المراد بالبر قرى البر وبالبحر قرى السواحل والتي في جزائره وهو قول الحسن وعن عكرمة العرب تسمي الامصار البحار وقرى في البر والبحور وقيل المراد المدائن والقرى التي على المياه الجارية والعرب تسمى المطر بحرا يقال اجدب البر وانقطعت مادة البحر وقيل البر الأرض وفسادها بقلة الامطار وغيرها والبحر معروف وقلة المطر كما تؤثر في البر تؤثر في البحر فتخلوا أجواف الاصداف من اللؤلؤ فان الصدف ذا المطر يرتفع على وجه الماء وينفتح وهو حيوان فما وقع فيه من المطر صار لؤلؤا أنظر السوسي فانه قد ذكر ان حيوانا من البحر يعلوا الماء في ايام النسيان ويفتح فاه للمطر فما وقع فيه صار لؤلؤة واجودها ما كانت قطرة واحدة لانها تكبر ويرجع لقعر البحر فتخرج له عروق ويلتصق بالاحجار ثم يكون صدفا وما طال مكثه افسده الماء وغيّره. ومن الفساد حدوث الفتن وتغلب العدو وعن ابن عباس رضي الله عنهما الفساد في البحر انقطاع صيده بذنوب بني آدم قال الامام الاندلسي الطرطوشي ابو بكر في كتابه ـ سراج الملوك ـ ان ملكا من الملوك خرج يسير في مملكته مستخفيا فنزل على رجل له بقر فحلبت قدر قلتين فعجب الملك من ذلك وحدث نفسه بأخذها ولما راحت عليه الغد حلبت على النصف فقال له الملك ما بال حلابها نقص رعت في غير مرعاها الاول؟ قال لا ولكن اظن ان ملكنا قد هم بأخذها فنقص لبنها فان الملك اذا ظلم او هم بالظلم نقصت البركة، فعاهد الملك في نفسه ان لا يأخذها فحلبت قلتين فتاب وعاهد ان لا يظلم. وان من المشهور في ارض المغرب ان السلطان بلغه ان امرأة لها حديقة فيها القصب الحلو وان قصبة منها تعصر قدحا فعزم على أخذه منها ثم أتاها وسألها عن ذلك فقالت نعم ثم انها عصرت فصبت فلم تبلغ نصف القدح فقال أين الذين كان يقال؟ فقالت هو الذي بلغك الا ان يكون السلطان. قد عزم على اخذها فارتفعت البركة، فتاب السلطان. قال وحدثني بعض الشيوخ ممن كان يروي الاخبار بمصر قال كان بصيعد مصر نخلة تحمل عشرة ارداب ولم يكن في الزمان نخلة تحمل نصف ذلك فغصبها السلطان فلم تحمل في ذلك العام تمرة واحدة وقال لي شيخ من أشياخ الصعيد انا اعرف هذه النخلة من الغربية تحمل عشرة ارداب ستين ويبة وكان صاحبها يبيع في الغلا كل ويبة بدينار قال وشهدت انا بالاسكندرية والصعيد في الخليج انه مطلق للرعية والسمك به يغلي الماء به كثرة ويصيده الاطفال بالخرق ثم حجره السلطان ومنع الناس من صيده فذهب السمك حتى لا ترى إلا واحدة بعد اخرى الى يومنا هذا وهكذا تتعدى سرائر الملوك الى الرعية ان خيرا فخير وان شرا فشر.

السابقالتالي
2