الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }

{ لَنْ تَنَالُواْ الْبِرَّ } البر إما العمل الصالح وإما ثواب الله ورضاه فإذا كان بمعنى العمل الصالح، ففيه وجهان الأول أن يقدر مضاف، أى لن تنالوا ثواب البر، أى ثواب العمل الصالح، والثانى أن لا يقدر، ولكن المعنى لن تبلغوا كمال الخير وحقيقته، وفسر بعضهم البر بالتقوى، وهى داخلة فى اسم العمل، ولو كانت تركا، لأن الترك لله سعى فيما يقرب إليه وفسره بعض بالطاعة، ووجه اتصال الآية بما قبلها، إنما قبلها فى أن الكافر لا ينتفع بإنفاقه والمؤمن ينتفع به، فدين الله تبارك وتعالى بها كيفية الإنفاق النافع للمؤمنين وهم المخاطبون بها. { حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } والآية فى النفقة المندوب إليها على الصحيح، لا فى الزكاة، وكل شىء كان لنفس مالكه، أدنى قليل من الحبِّ له وأنفقه، ولو كان أحقر شىء، فقد دخل فى قوله { مِمَّا تُحِبُّون } فعن الحسن كل شىء أنفقه المسلم من ماله يبتغى به وجه الله، ويطلب ثوابه حتى التمرة، فإنه يدخل فى قوله { لَن تَنَالُواْ الْبِرّ حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّون } وفى رواية عنه أن النفقه فى الآية هى الزكاة وكذا روى عن ابن عباس والضحاك، فقيل نسخت بآية الزكاة على أن هذه فى إخراج الزكاة، وعطاء أفضل المال فيها، ونسخ لزوم إعطاء الأفضل، ووجب الأعدل من المال، وقال القاضى الآية فى نفقة التطوع والواجبة، والجمهور على أن الآية فى النفقة المندوب إليها، " كان عبد الله بن عمر يشتهى أكل السكر بالموز، فكان يشترى ذلك، ويتصدق به، وكان مريضاً، فاشتهى سمكة طرية فحملت إليه على رغيف فقام سائل بالباب، فأمر بدفعها إليه، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " أى ما أمرؤ اشتهى شهوة فرد شهوته، وآثر على نفسه، غفر الله لهُ " قال حمزة ابن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر خطرت على قلبه هذه الآية { لَنْ تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } قال عبد الله فذكرت ما أعطانى الله فما شىء أحب إلى من فلانة، فقلت هى حرة لوجه الله تعالى. قال ولولا أنى لا أعود فى شىء جعلته لله لنكحتها. وروى أن ابن عمر خرج فاشتهى عنباً، وذلك فى الشتاء فخرج بنوه، فاشتروا لهُ عنقوداً بدرهم، فلما أتى به أخذ منه حبة، فإذا سائل يسأل، فأعاد الحبة فى موضعها، ثم قال يا سلام ناوله العنقود، ثم اشتراه منه بدرهم ثم جاء به إليه، وقال كل شهوتك، فأعاد السائل، فأعادها إلى موضعها وفعل كالأول، فكان كذلك إلى ثلاث مرات ومات ابن عمر ولم يأكله. وعن عمرو بن دينار " لما نزلت هذه الآية { لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون } جاء زيد بن حارثة بفرس يقال لها سيل، كان يحبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال تصدق بهذه يا رسول الله، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأسامة بن زيد ابن حارثة، فقال يا رسول الله إنما أردت أن أتصدق بها، وظن أن صدقته لم تقبل إذ تصدق بها على ولده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلت صدقتك "

السابقالتالي
2 3