الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً } يستبدلون بما عاهدوا الله عليه من الإيمان بالرسول والوفاء بالأمانات، وبما كلفوا به من قولهم والله لنؤمنن به، ولننصرنه، ثمناً قليلا هو متاع الدنيا وإن كثر عندهم وعظم، وعن ابن عباس إذا رأيتم الرجل يريد أن يحلف فى يمين، وجبت عليه، فاقرءوا عليه هذه الآية { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلا... } إلخ الآية. { أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِى الآخِرَةِ } لا نصيب لهم فى الآخرة. { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ } بكلام ينفعهم فلا ينافى قوله تعالىفوربك لنسألنهم أجمعين } وقولهولنسألن الذين أرسل إليهم } ولا يكلمهم بخلق كلام بلا واسطة ملك، كما يفعل مع بعض أوليائه، بل بواسطة الملائكة بتعنيف وقطع عذر أولا ينتفعون بكلمات الله وآياته المنزلة فى الدنيا من باب نفى الشىء بمعنى نفى الانتفاع به، أو كناية عن غضبه عليهم، لأن من لازم العصيان فى الجملة أن لا يكلم المغضوب عليه، ويدل له قوله { وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أى لا يرحمهم، فإن الغضبان فى الجملة كما لا يكلم المغضوب عليه، لا ينظر إليه بعينه، والله جل جلاله، منزه عن صفات المخلوق فيحمل نظره على رحمته فيكون نفى الكلام والنظر معاً من باب واحد وهو أنه مغضوب عليهم، غير مرحومين، ضد المرضى عنه فى الجملة، فإن الراضى يتكلم له، وينظر إليه كثيراً. { وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } ولا يذكرهم بخير فى الدنيا والآخرة، كما يذكر أولياءه به فيهما، كقوله تعالىوالملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم } وقوله تعالىسلام قولا من رب رحيم } وقوله تعالىالتائبون العابدون.. } الآية ولا يطهرهم من الذنوب فى الآخرة أى لا يغفرها لهم، أو فى الدنيا أى لا يوفقهم للتوبة. { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } عذاب شديد حتى كأنه فى نفسه متألم، أو فعيل بمعنى مفعل أى مؤلم وذلك على ما فعلوه، قال عكرمة نزلت الآية فى أحبار اليهود ورؤسائهم كأبى رافع وابن أبى الحقيق وابن الأشرف وابن أخطب، كتموا ما عهد الله عز وجل إليهم فى التوراة من أمر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بأيديهم غيره، وحلفوا أنه من عند الله، لئلا تفوتهم الرشاء التى كانت لهم من أتباعهم، وقالوا أيضاً إن جواز الخيانة فى أمانة من خالفهم بالدين مذكور فى التوراة، وهم كاذبون عالمون بكذبهم وأخذوا على ذلك رشوة، وقال مجاهد عن عبد الله بن أبى أوفى نزلت فى رجل حلف يميناً فاجرة فى تنفيق سلعته فى السوق، لقد اشتراها بكذا وكذا وهو اشتراها بأقل، " وعن الأشعث كان بينى وبين رجل من اليهود أرض فجحدنى، فقدمته إلى النبى صلى الله عليه وسلم، قال ألك بينة قلت لا. فقال لليهودى احلف. فقلت يا رسول الله إذا يحلف فيذهب ما لى. فنزلت الآية { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ.. } "

السابقالتالي
2