الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

{ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } كعبد الله بن سلام استودعه قريشى ألفاً وماينى أوقية ذهباً فأداه إليه. { وَمِنْهُمْ مَّنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً } كفنحاص بن عازور، استودعه قريشى آخر ديناراً فجحده، وذلك مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما، وكل من عبد الله ابن سلام، وفنحاص من اليهود، ولكن عبد الله أسلم. وتقدم الكلام فى القنطار وأما الأوقية الشرعية فأربعون درهما، وأما فى العرف فعشرة دراهم، وعبارة بعضهم انعقد الإجماع أن الأوقية العرفية عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم، والمراد فى الآية أن أهل الكتاب من لا يخون ولو اؤتمن على الكثير مع الخيانة من الكثير متيسرة، لأنها تخفى، ومنهم من يخون ولو اؤتمن على القليل فالقنطار تمثيل للكثير، ولو أقل من قنطار أو أكثر، والدينار من ثمثيل القليل، ولو أقل من الدينار، أو أكثر، وخصا بالذكر تمثيل لواقعة عبد الله بن سلام وفنحاص، وقيل المراد بمن يؤده إليك من آمن من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وبمن لا يؤده إليك من بقى على كفره كفنحاص، وكعب بن الأشرف، وكل من الفريقين من اليهود، وقيل المراد بم يؤديه إليك النصارى، لأن الغالب فيهم - قبحهم الله - الأمانة فى المال، إذا ائتمنوا عليه، وبمن لا يؤديه إليك اليهود - لعنهم الله - لأنهم يدينون أن من خالفهم فى الدين واستحل السبت حل ماله ودمه، وذلك غالب أيضاً فى اليهود، وإنما أشبعت كسرة الهاء فى يؤده، ولا يؤده، لعدم مراعاة الساكن المحذوف قبلها، وقرأ أبو بكر وأبو عمر وأبو حمزة يؤده ولا يؤدهنؤته منها } فى الموضعين، وقوله وخصله فى النساء، ونؤته منها } فى " حم عسق " بإسكان الهاء، وقرأ قالون باختلاس كسرة الهاء فيهن، وكذا روى الحلوانى عن هشام فى الباب كله، والباقون بإشباع الكسرة والمصدر من قوله ما دمت عليه قائماً، ظرف متعلق بيؤده الثانى، أى إلا دوام قيامك عليه، أى إلا مدة قيامك على رأسه ما فى مطالبته بالتقاضى والترافع، إلى الحكم وإقامة البينة، والقيام عنده حقيق، لأنه يستحى بحضوره، لأن الحياء فى العينين، قال ابن عباس رضى الله عنهما لا تطلبوا من الأعمى حاجة، فإن الحياء من العينين، وإذا طلبت من أخيك حاجة فاظر إليه بوجهك، حتى يستحى فيقضيها، ويجوز أن يكون المراد بالقيام عليه الإلحاح وشدة المطالبة بما أمكن، ثم رأيته لابن عباس وقتادة ومجاهد والزجاج، ورأيت الأول للسدى والحسن، وقيل المراد القيام الحقيقى، لكن على معنى أنك إن ائتمنته على دينار لم يرده عليك إلا أن لم تغب عنه، وبقيت عنده تطلبه بالرد، وعليه متعلق بقائماً، وقرأ يحيى بن وثاب بكسر الدال، دمت من دام يدام لغة، ودام يدوم، وكذا قرأ يحيى بن وثاب تيمته فى الموضعين بكسر التاء.

السابقالتالي
2