الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

{ وَمَكَرُواْ } أى مكر الذين أحس عيسى منهم الكفر بعيسى، ومعنى مكرهم أنهم وكلوا عليه من يقتله خفية. { وَمَكَرَ اللَّهُ } بهم، أى جازاهم على مكرهم، سمى الجزاء مكراً لأنه مسبب لمكرهم، فهو من تسمية المسبب باسم السبب، أو للمشاكلة، أو تشبيهاً على الاستعارة، ومعنى { وَمَكَرَ اللَّه } أنه ألقى الشبه على من جاء لقتله فكان هو المقتول، غما له، ولمن أرسله للقتل، وأوقع بينهم قتالا عظيماً لشأن هذا المقتول. { وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } أفضلهم مكراً، بمعنى أن مكره أقوى وأعظم إذ لا يطاق، وإذ يكون من حيث لا يحتسب محتسب، قيل إن يهوذا ملك اليهود، أراد قتل عيسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - وكان جبريل عليه السلام لا يفارقه ساعة، كما قال الله تعالىوأيَّدْنَاهُ بروح القدس } فأمره جبريل أن يدخل بيتاً فى سقفه منفذ، فدخل فأخرجه جبريل من المنفذ، وقد أمر الملك رجلا من أصحابه يقال له ططيانوس أن يدخل البيت ويقتله، فدخل ولم ير عيسى فأبطأ عليهم، فظنوا أنه يقاتله، فألقى الله عليه شبه عيسى، ولما خرج ظنوا أنه عيسى، فقتلوه وصلبوه، يظنون أنه عيسى، وهو يصيح أنا ططيانوس.. فلم يلتفتوا إليه ثم قالوا وجهه يشبه وجه عيسى، وبدنه يشبه بدن صاحبنا، وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى، فوقع بينهم قتال عظيم. وعن وهب بن منبه أن اليهود طرقوا عيسى فى بعض الليل، ونصبوا لهُ خشبة ليصلبوه عليها، فأظلمت الأرض، وأرسل الله الملائكة فحالت بينهم وبينه، فجمع عيسى عليه السلام الحوارين، تلك الليلة وأوصاهم، وقال ليكفرن بى أحدكم قبل أن يصيح الديك، ويبيعنى بدراهم يسيرة، فخرجوا وتفرقوا، وكانت اليهود تطلبه فأتى أحد الحواريين اليهود، وقال ما تجعلون لى أن دللتكم عليه؟ فجعلوا لهُ ثلاثين درهماً فأخذها، ودلهم عليه، ولما دل البيت الذى فيه عيسى، ألقى الله عليه شبه عيسى، ورفع الله عز وجل، عيسى، وأخذوا الذى دلهم عليه، فقال أنا الذى دللتكم عليه فلم يلتفتوا إلى قوله، فقتلوه وصلبوه يظنونه عيسى. وعن ابن عباس رضى الله عنهما، أن عيسى عليه السلام استقبل رهطاً من اليهود، فلما رأوه قالوا قد جاء الساحر ابن الساحرة، والفاعل ابن الفاعلة فقذفوه وأمه، فلما سمع عيسى ذلك، دعى عليهم ولعنهم، فمسخهم الله خنازير، ولما رأى ذلك يهوذا ملكهم، فزع وخاف دعوته، فاجتمعت كلمة اليهود على قتله، فأرسلوا ططيانوس إليه، وأخرجه جبريل من منفذ البيت، وألقى الشبه على ططيانوس فقتلوه، قيل لما صلب شبيه عيسى، جاءت أمه مريم وامرأة كانت مجنونة - فأبرأها تعالى بدعاء عيسى عليه السلام - تبكيان عند المصلوب، فجاءهما عيسى، فقال علام تبكيان؟ قالت عليك.

السابقالتالي
2