الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ }

{ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً } فى المهد متعلق بمحذوف حالا من ضمير يكلم، و { كهلا } معطوفاً على هذه الحال، أى ثابتاً فى المهد وكهلا، أى يكلم الناس وقت كونه طفلا فى المهد، ووقت كونه كهلا، بكلام الأنبياء، والمراد أن كلامه فى حال الطفولية والكهولة على حد سواء، بكلام النبوة، وجملة { يكلم } قيل معطوفة علىوجيها } و { المهد } ما يفرش للصبى، ويطوى فيه، وأصله مصدر رسمى به، والكهل من اجتمعت قوته وتم شبابهُ، وأول سن الكهولة ثلاثون سنة، وقيل اثنان وثلاثون، وقيل خمس وثلاثون، وقيل ثلاث وثلاثون، وقيل أربعون وآخرها خمسون، وقيل اثنان وخمسون، وقيل ستون ويدخل فى سن الشيخوخة. وكلام عيسى فى المهد، قوله فى تبرئة أمهإنى عَبْد اللهِ آتَانى الكِتَابَ } إلى قولهويَوم أُبْعَثُ حيّاً } وعن مجاهد قالت مريم كنت إذا خلوت أنا وعيسى حدثنى وحدثتهُ، فاذا شغلنى عنهُ شأن يسبح فى بطنى وأنا أسمع. وعن ابن قتيبة لما بلغ عيسى بن مريم ثلاثين سنة، أرسلهُ الله إلى بنى إسرائيل فمكث فى رسالته ثلاثين شهراً ثم رفعه الله تعالى. وقال ابن منبه جاءه الوحى على رأس ثلاثين سنة، فمكث فى نبوته ثلاث سنين وأشهراً ثم رفعهُ الله. ومن قال أول سن الكهولة أربعون سنة، فلا بد أن يقول رفع شاباً، ويكلم الناس كهلا على هذا إذا نزل آخر الزمان، ويقتل الدجال.. قال الحسن بن الفضل يكلم الناس كهلا بعد نزوله من السماء، قيل لبعضهم هل تجد نزول عيسى فى القرآن؟ قال نعم قوله تعالى { وكَهْلاً } بعد نزوله من السماء، والأولى أنه يكلم كهلا قبل أن يرفعه الله، وفى ذلك بشارة لمريم عليه السلام، بأنهُ يعيش حتى يكتهل، وخص الكهولة لأنهُ يكلم فى المهد ببراءتها، وفى الكهولة بالوحى، قيل تكلم ببرائتها تم أمسك عن الكلام إلى وقت تكلم الصبيان. وقيل تكلم فى المهد بالوعظ والذكر، ولم يمسك عنهُ، وقيل خص الكهولة لأنها وقت استحكام العقل والرأى ولذلك يقال للحكيم كهل. كما قال مجاهد وبه فسره، وفى ذكر اختلاف أحواله من الصبى إلى الكهل رد على وفد نجران وغيرهم، فى قولهم إنه إله، لأن التغير محال فى حق الإله. { وَمِنَ الصَّالِحِينَ } متعلق بمحذوف حال معطوفة على حال الضمير فى { يكلم } أو حال { كلمة } ، أى وثابتاً من الصالحين، أى من عباد الله الصالحين كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق، وختم صفاته بالصلاح، لأنه أشرف المراتب، إذ لا يسمى صالحاً حتى يواظب على الطاعات قولا وفعلا، فى الطريق الأكمل.