الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ قُلِ اللَّهُمَّ... } الآية وقال قتادة ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه عز وجل أن يجعل ملك فارس والروم فى أمته، فأنزل الله لآية فى ذلك، وعداً له. " وروى أنه صلى الله عليه وسلم لما خط الخندق عام الأحزاب، وقطع لكل عشرة رجال أربعين ذراعاً، وأخذوا يحفرون، ظهرت من بطن الخندق صخرة عظيمة لا تعمل فيها المعاول، فوجهوا سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخبره فأخذ المعول من يد سلمان، فضربها ضربة صدعها فبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها لكأن مصباحاً فى جوف بيت مظلم وكبر وكبر المسلمون، وقال أضاءت منها قصور الحيرة، كانها أنياب الكلاب، ثم ضرب الثانية فقال أضاءت لى منها قصور الحمر من أرض الروم، ثم ضرب الثالثة فقال أضاءت لى قصور صنعاء، وأخبرنى جبريل أن أمتى ظاهرة عليها كلها، فأبشروا، فقال المنافقون لا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل، ويخبركم أنه من يبصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وإنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق، لا تستطيعون أن تبرزوا " فنزلت الآية. أى والله لكأن، وخبر كأن أى كأن مصباحاً ظهر ولاتبا المدينة، أرضان بينهما المدينة فيهما حجارة سود، ووجه التشبيه بأنياب الكلاب، صفر قصور الحيرة وانضمامها، وقيل إن اليهود قالوا والله لا نطيع رجلا ينقل النبوة من بنى إسرائيل إلى غيرهم، فنزلت الآية. وذكروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال تقاتلون جزيرة العرب فيفتح الله عليكم، وتقاتلون فارساً فيفتح الله عليكم، وتقاتلون الدجال فيفتح الله عليكم، وكان عتبة بن نافع يحلف بالله لا يخرج حتى تفتح الروم. والميم فى { اللهم } عوض عن حرف النداء، ولذلك لا يجتمعان إلا فى الشعر، أى يا الله، وشددت لأن { يا } حرفان، وتعويض الميم عن حرف النداء من خصائص هذا الإسم، كما خص أيضاً باجتماع حرف النداء وأل، وكما خص بتاء القسم، وقلت فى غيره كتالرحمن، وتربى، وتحياتك وبقطع همزته فى النداء جوازاً، وهى همزة وصل، وذلك مذهب البصريين. وقال الكوفيون الميم بقية فعل الدعاء، والأصل بالله أمنا بخير، أى اقصدنا بخير، فحذف حرف النداء، وحرفت همزة " أم " والمفعول " وبخير " ولو كان كذلك لجاز حذف النداء معه، ولكن ما بعده بالعطف مثل اللهم واغفر لنا، ولم يسمع، ولعلهم يجعلون ما بعده بدلا. { مَالِكَ الْمُلْكِ } كلهُ فى الدنيا والآخرة، يتصرف فيه بما يشاء تصرف الملاك فيما يملكون، فالأشياء ملك لله تعالى، جعلها بيد غيره، ينتفع به غيره دنيا وأخرى، وقيل معناه مالك الملك عن الملوك بالإرث منهم بعد أن كان عارية فى أيديهم، يوم لا يدعى أحد الملك، وقيل معناه مالك الملك الذى بيده الملوك، هو ملك لهن وهو بأيديهم.

السابقالتالي
2 3