الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ } الذين نعت لأولى الألباب، وقياماً جمع قائم، وقعوداً جمع قاعد، وعلى جنوبهم متعلق بحال محذوفة، أى وثابتين على جنوبهم أو مضطجعين على جنوبهم، فهذه ثلاثة أحوال، الثانى والثالث بالعطف فمعطوف الواو فى قوله وعلى جنوبهم محذوف، وهو ثابتين أو مضطجعين ومعنى ذكرهم الله قياماً وقعوداً، وعلى جنوبهم أنهم يستغرقون فى الذكر ما قدروا يذكرونه تعالى، حال القيام وحال القعود وحال الاضطجاع، على الظهر أو اليمين أو الشمال أو الركوع، والانحناء، داخلان فى القيام وأما الاتكاء فداخل فى القعود، والآية عمت الصلاة وغيرها جميعاً الفرض والنفل. خرج ابن عمر وعروة بن الزبير وجماعة يوم العيد إلى المصلى، فجعلوا يذكرون الله فقال بعضهم أما قال الله تعالى { يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداًً }؟ فقاموا يذكرون على أقدامهم. وعنه صلى الله عليه وسلم " من أحب أن يرتع فى رياض الجنة فليكثر ذكر الله " قالت عائشة رضى الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله عز وجل على كل أحيانه أى ولو فى حال إخلائه، لكن إذا كان فى الخلاء يذكر فى قلبه، وعن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة، وما مشى أحد مشيا لا يذكر الله فيه إلا كانت عليه من الله ترة " والترة النقص. وقيل البقعة، أى شهدت عليه أنه غفل فيها. وقال على وابن مسعود وابن عباس وقتادة المراد بالذكر الصلاة، لأن المصلى يذكر الله فيها، بمعنى أنهم لا يتركون الصلاة إن قدروا صلوا قياماً وإلا صلوا قعوداً وإن لم يقدروا صلوا مضطجعين على جنوبهم اليمنى مستقبلين القبلة بأوجههم وتكون أرجلهم إلى الشمال أو غيره بحسب الجهات. وقيل على ظهورهم وتكون أرجلهم إلى القبلة بحيث تكون وجوههم إلى السماء، ولو قعدوا لصاروا مستقبلين، ويؤمون فى ذلك إيماءً، وإن لم يستطيعوا ذلك كلفوا بما أمكنهم. " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب تومئ إيماءً " وذلك أنه كان به بواسير، فساله كيف أصلى، فأجابه بذلك، ومن زعم أنه يستلقى على ظهره، فسر الجنوب بالظهور لما قيل عن ابن عمر فإن لم تستطع فعلى قفاك، ونسب هذا القول للشافعى، وقيل عنه أنه يقول بالجانب لا بالظهر، وهو الصحيح عنه، فهو موافق لنا. وعن أبى حنيفة يستلقى فإذا وجد خفة قعد. { وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } استدلالا على وحدانية الله تعالى، وكمال قدرته، وصفاته وأفعاله، والتفكر أفضل العبادات كما قال صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3