الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ } أى لا تحسبن يا محمد، ويا من يمكن منه الحسبان، بخل الذين يبخلون، بحذف المضاف، وهو بخل ولفظ هو عائد إليه لدلالة المقام، ولفظ يبخلون عليه، ضمير لا محل له، أو توكيد للمضاف المحذوف مستعار للنصب، والمشهور أن لا يؤكد الظاهر بالضمير، قيل بالجواز أو عائد إلى الله توكيد الهاء، فضله، والذين مفعول أول على حذف مضاف وخبراً مفعول ثان، ويجوز تقدير المضاف هكذا لا يحسبن مال الذين يبخلون، أو موتى الذين يبخلون بما آتاهم. وقرئ بالتحتية هنا من قرأ بها هنالك. فالذين فاعل والمفعول الأول محذوف، أى لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله بخلهم أو موتاهم أو مالهم { هو خيرا لهم } ومرجع هو على حد ما مر، ويجوز كون فاعله يحسب بالتحتية ضمير، صلى الله عليه وسلم أو ضمير الحاسب، فيكون الذين مفعولا أولا على حذف مضاف على حد ما مر، وقرأ الأعمش بإسقاط هو. { بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ } يدخلون به النار، والبخل منع الواجب كالزكاة، ونفقة الأولياء والأزواج، وتنجية المضطر الموحد غير المحارب وغير من لا يطعم ولا يسقى، وكالنفقة فى الجهاد، والإنفاق فيما يجاهد به، وكإطعام الضيف، ويدل لذلك ذكر الوعيد عقب هذا، وعنه صلى الله عليه وسلم " إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالفجور ففجروا " رواه عبد الله بن عمرو. وقال صلى الله عليه وسلم " خصلتان لا تجتمعان فى مؤمن البخل، وسوء الخلق " رواه أبو سعيد الخدرى، والحديث الأول دل على أن البخل غير الشح، وأنه مولد من الشح، لأنه جعل الشح آمر بالبخل، فالشح منع النفس والجوارح عن الإعطاء، والبخل مطاوعة الجوارح. فانظر شرح النيل. وقال ابن العربى الشح منع المستحب، والبخل منع الواجب، ولما تم الكلام على الجهاد، ذكر تحريم البخل والوعيد عليه، ليشتروا السلاح، والخيل، وآلات القتال للجهاد، وينفقوا فيه، وليفعلوا كل واجب فىالمال. وقال عبد الله بن عباس فى رواية أبى صالح عنه وأبى هريرة والشعبى ومجاهد فى رواية غير ابن جريح عنه نزلت الآية فى البخل بالزكاة. وقال ابن عباس فى رواية عطية ومجاهد فى رواية ابن جريح، نزلت فى كتم أحبار اليهود صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته، لأنه يقال بخل بالعلم، وبخل بذكر الله، وبخل بالصلاة على رسول الله، كما يقال بخل بالمال، فالبخل عبارة عن منع الخير عن مستحقه مالاً أو غيره، واختاره الزجاج، والصحيح ما مر لظاهر قوله تعالى { سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يجعل لهم أطواقاً فى أعناقهم حقيقة يعذبون به فى النار، أو شبه لزوم الوبال لهم بلزوم الطوق اللازم المخلوق فى الجسم، كطوق الحمامة، وهذا ألزم وألصق، ويجوز أن يراد ما يلبس من الأطواق فى العنق، أو فى الذراع، كما قال ابن عباس يحملون وزره، وإثمه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3