الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّه } أى بأنه، بالشأن. { لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ } أى أخبر الله عن نفسه أنه لا إله إلا هو فى القرآن وسائر كتبه، وقيل بكل ما يدل على وجوده ووحدانيته، وهو كل ما خلق من جسم، وعَرَض، وقيل بمعنى علم، أو قضى أو حكم أو بين. { وَالْمَلاَئِكَةُ } شهادتهم بإقرار ونطق وكذا فى قوله { وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ } جميع العلماء بالله، المحققين، العدول من كل أمة إلى آخر الدهر. وقيل علماء مؤمنى أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام، وقيل علماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المهاجرين والأنصار وقيل الأنبياء، لأنهم أعلم الخلق بالله جل وعلا، وقيل معنى شهادة أولى العلم، التصديق بآيات الوحدانية، والاحتجاج على الوحدانية والأولى ما ذكرته، من حمل الشهادة فى ذلك كله، على الإخبار بها، وإن شئت فقل بمعنى الإثبات فى ذلك، كله وإما تفسيرها فى حق الله بمعنى وفى حق الملائكة بمعنى آخر، وفى حق العلماء بآخر، وفى حقهما بآخر ففيه أما الجمع بين الحقيقة والمجاز، وأما عموم المجاز بخلاف ما ذكرت، فإنهُ حقيقة كلهُ على أن الشهادة فى الأصل الإخبار بالشىء، على جهة إثباته أو نفيهِ، أو أنهُ مجاز كله على أن الشهادة لصاحب الحق، على منكره فى الخصام، بأن شبه دلالة الله تعالى على الوحدانية بما نصبه من الأدلة العقلية، وأنزله من الآيات السمعية بشهادة الشاهد، فى بيان الحق، وكذا الإقرار والاحتجاج مثلا من الملائكة وأولى العلم. { قَائِمَاً بِالْقِسْطِ } الباء للتعدية، تقول قام بالقسط بمعنى أقام القسط، فكأنه قيل مقيما القسط، أى العدل فى قوله وفى فعله، وفى قضائه وقدره، ولا يأمر بالجور، ولم يترك النهى عنه، ومنهُ، ومن قسطه جزاؤه إياهم على أعمالهم ورزقهم إياهم، وأعطاؤهم مصالحهم، و { قائِمَاً } حال من لفظ الجلالة، فى نية التقديم، أى شهد الله قائماً بالقسط أنهُ لا إله إلا هو، وسوغ تأخير الحال، أنهُ لا لبس، إذ لا يتوهم أنهُ حال من الملائكة، وأولى العلم، أو من أحدهما، أو منهما، ومن الله، لانه مفرد وكذلك كونه حالا من هو، والعامل فيها على الأول، وشهد على الثانى، لفظ موجود المحذوف الذى هو خبر لا، إذ هو مثبت فى حقه تعالى، كما تقول ما جاء زيد إلا راكباً، للفظ قبل إلاَّ، نفى المجىء عن زيد، والمعنى بإلاَّ وما بعدها إثباته، له حال الركوب، فظهر أنه لا يحتاج فى جعله حالا من { هو } إلى جعل العامل فيها معنى الجملة، وإلى أنها مؤكدة، أى تفرد قائماً، أو أثبته قائماً، وليس كونه حالا من " هو " أوجه من كونه حالا من لفظ الجلالة، كما قيل، وأجيز كونه مفعولا لمحذوف على المدح، أن أعنى أو أمدح قائماً، وأجيز كونه نعتاً لاسم { لا } نصب على محله، وفيه ضعف بالفصل، ودخل قائماً بالقسط فى المشهود به، إذا جعل حالا من " هو " ، أو نعتاً لإسم " لا " ، بخلاف ما إذا جعل حالا من لفظ الجلالة، وقرأ أبو حنيفة قيِّماً بالقسط بتشديد الياء مكسورة بعد قاف مفتوحة لا ألف لها، وقرأ عبد الله بن مسعود القائم بالتعريف، والرفع على أنهُ صفة للفظ الجلالة، أو بدل من " هو " ، أو خبر لمحذوف، أى هو القائم، وفى الوجهين الأولين الفصل، والملائكة، وأولوا العلم معطوفان على لفظ الجلالة، وقرىء بكسر همزة إن على على تضمين شهد معنى قال.

السابقالتالي
2 3