الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

{ فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } بما يرزقون من ثمارها وتحفها، ومن التوفيق فى الدنيا للإسلام، والشهادة وفى وصفهم بأنهم يرزقون تأكيد لمعنى الحياة فى قوله { بل أحياء } لأنه إنما يأكل ويشرب ويتلذذ الحى. و { فرحين } حال من واو { يرزقون }. { وَيَسْتَبْشِرُونَ } يفرحون وهو استفعال موافق للمجرد، فهو بمعنى بشر - بكسر الشين - أى فرح أو للمبالغة، أى يكثر فرحهم، أو يعظم، أو مطاوع لأبشر، أى بشرهم الله، أى سرهم الله وبشرهم فاستبشروا، وجملة { يستبشرون } معطوفة على { يرزقون } ، أو على فرحين ولو كان { فرحين } اسما، لأن { يستبشرون } بمعنى مستبشرين، أى فرحين ومستبشرين، كقوله تعالىصافات ويقبضن } أو هى خبر لمحذوف، أى وهم يستبشرون، والمجموع حال من ضمير فى فرحين، أو من هاء آتاهم، لا من ما، أو عائدها المحذوف، كما قيل أو المجموع معطوف على أحياء فى قوله { بل أحياء }. { بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِمْ } بإخوانهم المسلمين الذين عرفوهم فى الدنيا، ولم يلحقوا بهم بالموت، أو القتل، بل هم فى الدنيا، كما قال. { مِّنْ خَلْفِهِمْ } أى تأخر زمان موتهم أو قتلهم أو بكل مؤمن بعدهم فى زمانهم، أو بعده عرفوه، أو لم يعرفوه، أو بمن لم يلحق بهم، فى درجاتهم وكان دونهم ممن هو مؤمن، وليس شهيداً، وهذا التفسير هو الذى ظهر لى، ثم رأيته لقتادة وغيره. { أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فى الآخرة. { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } عما فاتهم من الدنيا لمصيرهم إلى ما هو خير، وأن لا خوف بدل اشتمال من الذين، أى يستبشرون بعدم خوف من سيموت، أو يقتل، من المؤمنين وعدم حزنه، فهم يفرحون بما هم فيه، وبما أعد لإخوانهم فى الله من الكرامة على الشهادة وغيرها، وقيل يستبشرون للطلب على الأصل، أى يطلبون البشارة من الله لإخوانهم الذين فارقوهم، على دينهم، بما نالوا من الكرامة، فيبعثهم دعاؤهم على الجهاد والعبادة، وعن ابن عباس رضى الله عنهما، ينزل على الشهداء صحف مكتوب فيها أسماء من يلحق بهم ممن يستشهدون بعدهم، وفى الآيات الحث على الجهاد. قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ضمن الله لمن خرج فى سبيله لا يخرجه إلا جهاد فى سبيلى وإيمان بى، وتصديق برسلى، أن أدخله الجنة إن مات أو أرجعه إلى مسكنه الذى خرج منه، نائلا، ما نال من أجر وغنيمة، والذى نفس محمد بيده، ما من كَلِم يكلم فى سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين يكلّم، لونه لون دم، وريحه ريح مسك، والذى نفس محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعد رجل خلف سرية تغزو فى سبيل الله أبداً، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عنى، والذى نفس محمد بيده، لوددت أنى أغزو فى سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل "

السابقالتالي
2 3 4