الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً } نزلت فى شهداء أحد عند الجمهور، لما روى عن أبى صالح عن ابن عباس أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال لأصحابه " إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم فى جوف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها ويجاوب بعضها بعضاً بصوت رخيم، لم يسمع الخلائق مثله، وتأوى إلى قناديل من ذهب معلقة فى ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، قالوا من يبلغ إخواننا عنا إننا أحياء فى الجنة لئلا يزهدوا فى الجنة ولا ينكلوا عن الحرب، يا ليت إخواننا الذين خلقوا من بعدنا علموا مثل علمنا فسارعوا فى مثل الذى سارعنا فيه، فإنا قد لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا فقال الله تعالى أَنا أبلغهم عنكم ففرحوا واستبشروا، فنزل { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا } " الآية. وما رُوىَ عَنْ جَابر بن عبد الله الأنصارى أنه قال قتل أبى يوم أحد وترك لى بنات، وروى عيالا، وديناً وفى رواية " رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهتماً حين لقينى، فقال " مالى أراك منكسراً " فقلت يا رسول الله استشهد أبى يوم أحد فترك عيالا وديناً. فقال لى رسول الله، صلى الله عليه وسلم " ألا أبشرك يا جابر؟ ". قلت بلى يا رسول الله. قال " إن أباك أصيب بأحد فأحياه الله تعالى وكلمه شفاهاً أى خلق له كلاماً سمعه قال يا عبد الله سلنى ما شئت. فقال أسألك أن تعيدنى إلى الدنيا، فأقتل فيك ثانياً، فقال يا عبد الله قد قضيت أن لا أعيد إلى الدنيا خليقة قبضتها. قال يا رب فمن يبلغ قومى ما أنا فيه من الكرامة؟ قال الله تعالى - فأنزل الله تعالى هذه الآية { ولا تحسبن } " إلخ. وقيل نزلت فى شهداء بئر مؤتة، على ما يأتى إن شاء الله، وقيل فى شهداء بدر، وكانوا أربعة عشر ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار على ما يأتى إن شاء الله فى محله، ولفظ الآية يعم كل شهيد. " قال مسروق سألنا عبد الله بن عمرو بن العاص عن هذه الآية { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُون }. فقال أما أنا فقد سألت عن ذلك، النبى صلى الله عليه وسلم فقال " أرواحهم فى أجواف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح فى الجنة حيث شاءت، ثم تأوى إلى تلك القناديل فأطلع عليهم ربهم إطلاعه، فقال هل تشتهون شيئاً؟ قالوا أى شىء نشتهى ونحن نسرح فى الجنة فيما شئنا، ففعل بهم ذلك ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لم يتركوا أن يسألوا، قالوا يا ربنا تردنا فى أجسادنا حتى نقتل فى سبيلك مرة أخرى. فلما رأى أن ليس لهم حاجة، تركوا ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6