الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ }

{ وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ } جمع المؤمنين، وجمع المشركين يوم أحد. { فَبِإِذْنِ اللَّهِ } أى بقضائه وحكمه، هكذا فسره ابن عباس، رضى الله عنهما، وقيل بتخليته بين المؤمنين والمشركين، إذ لم يكفهم عن المؤمنين، سمى التخلية إذناً لأنها من لوازم الإذن، فإنك إذا أمرت بشىء لم تمنع مأمورك، مع بقائك على مقتضى أمرك، وقيل بعلمه، كقولهوأذان من الله } أى وإعلام من الله، وتسلية المؤمنين عما أصابهم باقية فى هذا التفسير، كما وجدت فى الأولين، لأن معنى كون ذلك أصابكم بعلمه، أن عالم به، وقاض له بحكمه لم يغفل عنكم، وأنه سيعاقب الكفار مع ذلك، أو يلتزم قائله، إن ذلك غير تسلية بل أخبرهم الله أنه عالم بذلك قضاه عليكم عقاباً لكم على مخالفتكم. { وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ } ليظهر إيمان من آمن ورسخ فى إيمانه، ونفاق من نافق، فيعلم ذلك منهما ظاهراً خارجاً فى الوجود، كما قد علمه فى الأزل، وذكر العلم وأراد ملزومه، فإنه يلزم من وجود المؤمن والمنافق، بعلم الله، بوجودهما والعطف على بإذن الله، فهو علة للإصابة والنفاق عندنا مخالفة العمل، أو القول، للقول وعند غيرنا إضمار الشرك وإظهار التوحيد، والذى عندى مجيد تارة كما تقول، وتارة كما يقولون، وهو من النفق وهو السرب فى الأرض، أو من نافق اليربوع، باب من أبواب حجره، إذا قصد خرج منه، كذلك المخالف بين قوله وعمله، يقصد من جانب قوله فيوحد مسلماً باعتباره، وقد خرج إلى الفسق أو الشرك، بعلمه، أو قوله المضمر، وعندنا ولو ظهر، لأن ظهوره نتيجة عما فى قلبه مضمراً، ولأنه يظهر لك الإسلام فما يخرج به عنه إلى الفسق لو الشرك غير ظاهر ولا بأس بذلك التفسير إذا حققته وهو المشهور، وقال الشيخ أبو عمر وعثمان بن خليفة إن النفاق عندنا مأخوذ من نفقت الدابة، إذا هلكت، وهو وجه حسن شامل للفسق الظاهر والخفى، ولعلهم اختاروه لذلك، فلا يحتاجون إلى التأويل الذى ذكرته فيما عمل من فسق ظاهر. { وَقِيلَ } أى وقال المؤمنون أو قال أبو جابر. { لَهُمْ تَعَالَوْاْ } ائتوا. { قَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ } أعداءه وجملة قاتلوا بدل من تعالوا بد اشتمال، لأن الإتيان إلى محل القتال حال القتال سببى للقتال، ويجوز كونه بد إضراب، ذلك بحسب الأصل والمعنى وأما فى اللفظ فيحكى القول مفرد، ولو كان جملا كثيرة، والواو فى { وقيل لهم تعالوا } ، إما للعطف على نافقوا، أى ليعلم الذين اتصفوا بأن نافقوا، وبأن قيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله، أى فروا عن القتال وأعرضوا عنه، حتى احتاج المؤمنون أن يقولوا لهم ارجعوا إلينا تقاتلوا معنا، وإما لعطف قصة على الأخرى، فيعبر عنها بواو الاستئناف، والجواب بقوله تعالى { قالوا لو نعلم } أنسب بهذا الوجه، ولو صلح للأول أيضاً.

السابقالتالي
2 3