الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } مصيبة يوم أحد بالقتل والجرح والهزم { قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا } ببدر إذ قتلوا فيه من المشركين سبعين، وأسروا سبعين، على أن المشركين فعلوا نصف هذا بهم يوم أحد، وبذلك يقول الجمهور وابن عباس أو عباس أن يضم، إلى ما فعل المسلمون يوم بدر، ما فعلوا أيضاً بغيره كأول الأمر يوم أحد، أو المراد بالمصيبة الهزم، فقد هزمهم المسلون مرتين يوم بدر، وأول الأمر يوم أحد، وهزمهم المشركون مرة واحدة من آخر الأمر يوم أحد. وقال الزجاج أحد المثلين قتل السبعين يوم بدر، والثانى هو قتل اثنين وعشرين يوم أحد ولا مدخل للأسرى، لأنهم قد فدوا، وهذا على أن المماثلة فى الجنس ولو تخالف العدد ما بينهم وبين المشركين، والواو عاطفة على محذوف داخلة عليه الهمزة، أى فعلتم كذا وقلتم كذا، ولما أصابكم إلخ، مثل قولهم كيف غلبنا المشركون، وقد وعدنا الله النصر، أو كيف غلبونا ونحن على نصر دين الله تعالى، أو الواو عاطفة للهمزة قبلها، والجملة بعدها على قصة أحد، ودخل فى العطف على كل حال، لما وما بعدها، وجوابها والهمزة للتقريع، على قولهم ذلك ومثله والتقرير، ولو قيل تقريع وتقرير للمنافقين المكذبين القائلين، لو كان نبياً لما هزمنا لصح وجملة قد أصبتم مثليها، حال من كاف أصابتكم وأولى أن تكون نعتاً لمصيبة، إذ تغلبت عليه الإسمية كأنه قيل أو لما أصابكم أمر سوء، وأجاز بعضهم نعت الصفة باقية على وصفيتها. { قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا } أى كيف هذا الأمر المصيب لنا؟ أو من أين هذا الأمر المصيب لنا؟ من الهزم والغلبة، والقتل، والجرح، ونحن مسلمون ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، بأن قال المسلمون هذا تحقيقاً منهم أو قاله المنافقون تكذيباً. { قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } أى من انتقالكم عن موضعكم يوم أحد، وقد قال لكم صلى الله عليه وسلم اثبتوا معشر الرماة فى موضعكم ولو رأيتمونا تخطفنا الطير، أو هزمنا المشركين، وحرصكم على الخروج من المدينة، وقد كرهه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال على والحسن البصرى وعبيدة السلمانى روياً عن على، كما فى الخازن أن جبريل، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم بدر فقال إن الله كره ما صنع قومك من أخذهم الفداء من الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم بين أن يقدم الأسارى ويضرب أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدد الأسارى فذكر ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم للناس فقالوا يا رسول الله عشائرنا وإخواننا لا بل فداؤهم فنتقوى به على قتال عدونا ونرضى بأن يستشهد منا عدتهم، فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدد أسارى بدر، فهذا معنى { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُم }. { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } قدير على كل ما شاء وقوعه فيقع ولا بد مثل نصركم مع الطاعة، وترك نصركم مع المخالفة، وقادر على كل ممكن إن شاء أوقعه من إصابتكم لغيركم، وإصابة غيركم لكم وغير ذلك.