الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُمْ دَرَجَـٰتٌ عِندَ ٱللَّهِ وٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }

{ هُمْ } أى من اتبع رضوان الله، ومن باء بسخط من الله. { دَرَجَاتٌ } ذو درجات، بحذف مضاف، أو شبهوا بالدرجات بجامع التفاوت، وفى الحديث الدرجة فى الجنة فوق الدرجة، كما بين السماء والأرض، وإن العبد ليرفع بصره فيلمع برق يكاد يخطف بصره، فيقول ما هذا؟ فيقال نور أخيك فلان، فيقول أخى فلان كنا فى الدنيا نعمل جميعاً، وقد فضل على هكذا، فيقال إنه كان أحسن منك عملا، ثم يجعل فى قلبه الرضا حتى يرضى، ولعل ذلك كله سؤال مجرد عن عدم الرضا، لأنه يتألم به، ولا ألم فيها فمعنى جعل الرضا فى قلبه، ما يراد له خير حتى ينسى ما لأخيه، ويرى كأنه أفضل بالثواب والعقاب. { عِنْدَ اللَّهِ } متعلق بدرجات، لتضمنها معنى التفاوت، أى تفاوتوا عند الله، فلمتبع رضوان الله ثواب عظيم، ولمن باء بسخطه عقاب أليم، ففريق الجنة متفاوت لفريق النار، وفريق الجنة متفاوت فيما بينهم، وكذا فريق النار، وذلك قول ابن عباس وابن اسحاق والكلبى لتقدم ذكر الفريقين مع تفاوت كل للآخر وفى نفسه، وقال مجاهد والسدى الضمير لمن اتبع رضوان الله، أى لأن مبنى الكلام عليه، أى هم متفاوتون الثواب فى الجنة بدرجات عظام، ولأن الغالب فى العرف استعمال الدرجات فى أهل الثواب والدركات، فى أهل العقاب، وبأنه يضيف إلى نفسه ما كان من قبيل الثواب والرحمة، كما قال لهم درجات عند ربهم، وقالكتب ربكم على نفسه الرحمة } وقال الحسن الضمير لمن باء بسخط من الله، أى لقربه، واستعمال الدرجات فى القرآن فى النار غير قليل، منها قوله تعالىولكلٍّ درجاتٌ مما عَمِلوا } وذلك أن أهل النار متفاوتون فيها. قال صلى الله عليه وسلم " إن منها ضحضاحاً وغمراً وأنا أرجو أن يكون أبو طالب فى ضحضاحها " وقال صلى الله عليه وسلم " إن أقل أهل النار عذاباً نعلان من نار يغلى من حرهما دماغه، ينادى يا رب هل يعذب أحد عذابى؟ ". { واللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } فلا يفوته الجزاء على شىء.