الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

{ قُلْ أَؤنَبِّئُكُمْ } الهمزة الأولى للاستفهام، والثانية للمتكلم مسهلة أى أفأخبركم؟. { بِخَيرٍ مِنْ ذَلِكُمْ } تقرير لما ذكر من كون جنس المآب خيراً من متاع الدنيا، والوقف على ذلك، وكأنه قيل أخبرنا ما هو فأجاب بقوله. { لِلّذينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِم جَنّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِها الأنْهارُ خالدينَ } حال من الذين مقدرة. { فِيهَا وأزْوَاجٌ مُطَهَّرةٌ ورِضْوانٌ مِنَ الله } فـ { لِلّذين } خبر، و { جَنّات } مبتدأ، و { عِنْدَ } متعلق بما تعلق به، أو حال من ضمير جنات فيه ويجوز أن يكون الوقف على { اتَّقَوْا } فيتعلق { لِلّذين } بخبر، { وعِنْدَ } خبر، و { جَنّاتٌ } مبتدأ، أن يكون الوقف، على { عِنْدَ رَبِّهِم } فيتعلق بخبر، فيكون جنات خبر المحذوف، أى هو جنات. وقرىء جنات بالجر على الإبدال من خبر، وهو مؤيد للوجه الأخير الذى هو أن جنات خبر لمحذوف، فإن الإخبار بالشىء عن الشىء إذ قلنا هو وأبداله منه بدلاً مطابقاً سواء فى الحكم بأن هذا هو هذا، والمراد بالذين اتقوا من اتقى الإصرار على الشرك، أو الكبيرة، وقال ابن عباس فى رواية عنه أراد المهاجرين والأنصار، وغيرهم مثلهم، ومعنى تطهير الأزواج خلقهن بعد الموت، وخلق الحور بلا دم، ولا غائط، ولا حيض، وغيره مما يستقذر. وقرأ عاصم ورضوان بضم الراء وهو لغة، وكذا قرأ فى جميع القرآن إلا قولهمَنْ اتبع رضْوَانه } فانه قرأة بالكسر. قال ابو سعيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقولُ اللهُ عزَّ وجَلّ لأهل الجَنة، يا أهل الجنة، فيقولون لبيك يا ربنا وسعديك والخير كله بيديك، فيقول هل رضيتم؟ فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك. فيقولون فأى شىء أفضل من ذلك؟ فيقول أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعده أبدا ". { وَاللهُ بَصِيرٌ بالعبادِ } أى بأعمالهم كلهم فيجازى محسنهم بإحسان ومسيئهم بإساءة، أى إحسان، وأى إساءة. وقيل أراد بالعباد الذين اتقوا أى عليم بتقواهم، فجزاهم بالجنة، والأزواج المطهرة، والرضوان، بدأ الله بنعمة الدنيا وهن النساء، وما بعدهن، وذكر النعمة الوسطى، وسطاً وهى الجنة، وذكر أعلاها آخرا وهى الغاية، وهى رضوان الله.