الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ }

{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ } خطاب لمن لم يشهد بدراً. { الْمَوْتَ } بالشهادة. { مِن قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ } لما رأوا من أجر الشهداء، إذ أخبرهم الله الرحمن الرحيم له فى قولهولا تحسبن الذين قتلوا } الآية، وذلك قول ابن عباس. وقيل المراد بالموت الحرب، لأنها سبب الموت، تمنى من لم يحضر بدراً أن يكون قتال يحضرونه ليحصل لهم أجر كأجر أهل بدر، وكذا من تمنى الموت، لم يرده بالذات، بل للأجر. وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا تتمنوا لقاء العدو، ولكن إذا لقيتموه فاسألوا الله الصبر " وذلك أن من يتمناه قد يتكل على قوته، وقد عنفهم الله إذا تمنوه وقروا، أو إذا تمنوا الشهادة المتضمنة بغلبة الكفار، وليس مراد المتمنى منهم غلبة الكفار، لكنهم رغبوا فى الأجر، فما هم إلا كمن شرب دواء النصرانى قاصداً للشفاء، ولا يخطر بباله أن فيه نفع الكافر، وتنفيقاً لدوائه. وقد قال عبد الله بن رواحة حين نهض إلى غزوة العسرة، وقيل لهُ ردكم الله
لكننى أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات قرع تقذف الزبدا أو ضربة من يدى جران مجهزة بحرية تنفذ الأحشاء والكبدا   
{ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ } أى رأيتم الموت بعيونكم، أى رأيتم ما يكون به كالسيوف والأيدى المرفوعة بها والرجال، وما يدل عليه كالوقوع على الأرض، بلا تنفس وخروج الدم والقطع. { وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } ذلك بعيونكم فالجملة حال من واو رأيتموه مؤكدة لعاملها، تدفع توهم رؤية القلب، وأما اشتراك الرؤية بين رؤية البصر ورؤية القلب، فبالظاهر أنهُ لا يتوهم فضلا عن أن يدفع.