الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

{ وَلاَ تَهِنُوا } أى لا تضعفوا عن الجهاد، بما أصابكم يوم أحد. { وَلاَ تَحْزَنُوا } على من قتل منكم يوم أحد أو جرح، نزلت الآية فى التسلية عما وقع بأحد. { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } بالْغَلَبَةِ على المشركين إن كنتم مؤمنين، فى عاقبة الأمر فهذه بشارة بالنصر، والغلبة وتقوية لقلوبهم، لأن أمر الشرك باطل زهوق، والواو للاستئناف، أو الحال، المقدرة لكن هذا التقدير يفيد إنزال الجملة كما لو قيل لك جىء مكرماً، وأريد جىء مقدراً للإكرام، ويجوز أن يكون المعنى وأنتم الأعلون شأناً، لأنكم على الحق، وهو على الباطل وقتالكم لله، وقتالهم للشيطان، وقتلاكم فى الجنة، وقتلاهم فى النار، أو أنكم أصبتم منهم يومد بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أحد، فالحال فى هذه الأوجه محكية، بمعنى أنكم قد نلتم ذلك العلو، أو مقارنة بمعنى أنكم متصفون الآن، بذلك العلو الماضى، وكذا فى قول ابن عباس إنهُ إنهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الشعب، فأقبل خالد بن الوليد بخل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " لا تعل علينا اللهم لا قوة لنا إلا بك " ، وتأهب نفر من المسلمين، رماة فصعدوا الجب ورموا حتى هزموهم، فذلك قوله تعالى { وأنتم الأعلون }. { إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } وعلى قول ابن عباس هذا، وغيره يكون قوله { إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِين } شرطاً فى تحقق العلو والأنتفاع به، أى إن كنتم مؤمنين حقا، فقد حصل لكم الغلبة، بالنفر الصاعدين الجبل، وإلا لم تنتفعوا بها فكأنها غير واقعة، وكأنكم غير عالين، أو شرطاً فى النهى عن الوهن، والحزن، لأنه إن لم يتحقق إيمانهم وهنو ا وحزنوا، فجواب { إن } محذوف دل عليه لا تهنوا، ولا تحزنوا، أو قوله { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } ، والإيمان التوحيد، وامتثال الأمر واجتناب النهى هنا، وقيل بمعنى التصديق بما يعبدهم والله ويبشرهم به من الغلبة على المشركين، فيما بعد.