الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

{ وَالَّذِينَ } معطوف على المحسنين، أو على العافين، فالجملة بينهما معترضة، وكذا إن عطف على الذين، وفيهما مر من كون هؤلاء الصفات لموصوف واحد، أوكد لها صاحب، ويجوز كون مبتدأ، خبرهأولئك جزاؤهم مغفرة } { إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً } فعلة بالغة فى القبح كالزنى وقتل النفس، وكشف العورة، وفسرها السدى الزنى، وقيل الفاحشة هنا الكبائر والظلم فى قوله عز وجل. { أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } الصغائر وعلى القول الأول فى الفاحشة يكون الظلم الصغائر وباقى الكبائر، وقيل الفاحشة الزنى، وظلم أنفسهم هو مقدمات الزنى كالمس والقبلة، وقيل الفاحشة ظلم غيره، والظلم معصية التى ليست ظلماً لغيره. { ذَكَرُواْ اللَّهَ } ذكروا عظمة الله المتعالى عن العصيان، فاستحبوا حقه وهو أن يطاع، ولا يعصى أو حكمه على العاصى، أو وعيده، أو يذكر الله نطقاً بتسبيحه وتقديسه، والثناء عليه، لأنهُ ينبغى لمريد أن يسأل الله سبحانهُ أن يقدم الثناء على مسألته، وهؤلاء أرادوا سؤال المغفرة، كما قال { فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } وقيل هذه الجملة مفسرة لقوله { ذَكَرُواْ اللَّهَ } واللام للتعليل، أو بمعنى عن، بمعنى طلبوا ليخلص عنها، أو بمعنى من الابتدائية، أى طلب الانتقال من لازم الذنوب، أو للتعدية، وإنما يحصل الاستغفار بالندم، وأما مجرد الاستغفار باللسان، فلا يزول به الذنب، كما لا يحصل الذنب بخطأ اللسان، وكما لا يحصل الاستغفار بخطأ اللسان بالاستغفار، وفى الكلام حذف، أى فاستغفروا الله لذنوبهم. { وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ؟ } الاستفهام للإنكار، أعنى لنفى إن يغفر الذنوب، غير الله بدليل إلا، والله بدل من المستكن فى يغفر، وهذه الجملة معترضة، بين المعطوف عليه، والعاطف مع المعطوف، فى قوله { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ } فإن قوله { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ } عطف على { ذكروا } أو { استغفروا } وحكمة الاعتراض بها والله أعلم، أن يذكر فى جواز ذكر الاستغفار ما يدل على سعة رحمة الله، وعموم المغفرة والحث على الأستغفار، والوعد بقبول التوبة، وعلى أن التائب كم لا ذنب لهُ وأنه لا مفزع للمذنب إلا فضل الله وكرمه، وأن عفوه أعظم من كل ذنب، أى لم يقيموا على ذنوبهم غير مستغفرين، أو قوله { ومن يغفر } إلخ على تقدير قائلين ومن..إلخ. وكان جابر بن زيد إذا قرأ { وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّه } قال لا أحد يغفرها غيرك يا ألله. قال أبو موسى الأشعرى جلست على رجل من المهاجرين فسمعته يقول، قال رسول الله " أيها الناس استغفروا الله وتوبوا إليه، إنى لأستغفر الله كل يوم مائة مرة " وقال على حدثنى أبو بكر - وصدق أبو بكر - قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فينظر ثم يصلى ثم يستغفر الله إلا غفر له "

السابقالتالي
2 3