الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ }

{ قَدْ كَانَ لَكُم آيةٌ فى فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا } يوم بدر، فئة المؤمنين وفئة المشركين، والخطاب لقريش، كما يدل له كلام ابن عباس أو لليهود. وقال ابن مسعود والحسن للمؤمنين، وجملة { الْتَقَتَا } نعت فئتين، ولم يقل كانت بالتاء للفصل، ولكون التأنيث غير حقيق، ولكن خبر كان وفى فئتين متعلق بـ " كان " ، أو نعت لـ " آية " ، ويجوز تعليق " لكم " بـ " كان " فيكون فى { فِئَتَيْنِ } خبر لـ " كان ". { فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللهِ } دينه، وهم النبى صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون، ومسوغ الابتداء التفضيل، وكونها فاعلا معنى. { وَأُخْرَى كَافِرَةٌ } تقاتل فى سبيل الشيطان، كما دل عليه لفظ كافرة كما أن أصل قوله تعالى { فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللهِ } فئة مؤمنة، فحذف مؤمنة ودل عليهِ قوله { فِى سَبِيلِ اللهِ } فحذف من كل واحد، مقابل ما ذكر فى الآخر، وسمى السيوطى ذلك احتباكاً، وقرىء بنصب فئة، وأخرى كافرة على الحال من الفاعل التقتا، أو على الاختصاص، وبالجر على البداية المطابقة، بحسب المعطوف من فئتين. { يَرَوْنَهُمْ } أيها المسلمون. { مِثْلَيْهِمْ } أى مثلى المسلمين، أى ترون يا مسلمون المشركين مثلى المسلمين، والخطاب لنحو ثلاثة من المسلمين، أى ثلاثة كانوا يرون المشركين مثلى جملة المسلمين التى منهم هؤلاء الثلاثة، أو نحوهم. ويجوز أن يكون الأصل ترونهم مثليكم، فعدل عن الخطاب، وعلى الوجهين فالحكمة فى رؤيتهم مثليهم مع أنهم ثلاثة أمثال المسلمين. وقيل مثلاهم، فقط ليستشعروا الوعد فى قوله تعالىإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين.. } الآية، فإنه وعد بالنصر. قيل كان المشركون قريباً من ألف، أو مثلى عدد المؤمنين، والمؤمنون ثلثمائة وثلاثة عشر، وفيهم سبعون بعيراً، وفرسان أحدهما للمقداد بن عمرو وآخر لزيد بن أبى مرثد، وستة أدرع، وثمانية سيوف. سبعة وسبعون رجلا من المهاجرين، ومائتان وستة وثلاثون رجلا من الأنصار، وراية المهاجرين مع على، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة، وكان المشركون تسعمائة وخمسين رجلا، ورأسهم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وفيهم مائة فرس، وسبعمائة بعير، وتلك وقعة بدر وهى أول مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا قيل إن المشركين ثلاثة أمثال المؤمنين، فمعنى قول الله مثليهم أن المشركين زادوا عليهم بمثليهم، كما تقول نحتاج إلى مثلى هذا الدرهم، فيكون لنا ثلاثة أو أظهر الله للمؤمنين مثليهم فقط، وأخفى ثلثاً آخر، وأظهر من الملائكة للمؤمنين معهم عدداً يكون المشركون معه مثلى المؤمنين فقط قلل الله المؤمنين فى أعين المشركين ليثبتوا طامعين فى أن يغلبوا المؤمنين، وقللهم فى أعين المؤمنين، لتقوى قلوبهم. عن ابن مسعود رأيناهم يضعفون علينا كما فى آية آل عمران.

السابقالتالي
2 3