الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } أصل كان أن تستعمل لما وجد وانقطع، وكثر استعمالها فى الاستمرار، فإذا لم يكن دليل الاستمرار حملت على الأصل، وهو الانقطاع، ودليل الاستمرار هنا حالى، وقيل وضعت كان وحدها من دون الأفعال الماضية لمجرد وجود الشىء فيما مضى، ولا دلالة لها على الاستمرار ولا على الانقطاع، وإنما تحمل على أحدهما بدليل، والدليل هنا على بقاء الخيرية إلى الآن، وإلى قيام الساعة حالى ومقالى، والمقالى ما وردت الأخبار فى تفضيل هذه الأمة. وأما ثبوت خيريتها فيما مضى فقيل هو أنهم كانوا فى علم الله بلا أول لهُ خير أمة وعلمه مستمر، لا آخر له أيضاً، وأيضاً الأصل فى الثابت الممكن الاستمرار وقيل إنهم كانوا فى اللوح المحفوظ خير أمة. وقيل كانوا بين الأمم المتقدمين خير أمة موصوفين عندهم بأنكم خير أمة. وقيل المعنى صرتم بالأمر والنهى الآن خير أمة، أى خير خلق الله كلهم. وقيل كان زائدة أى أنتم خير أمة، والجملة مستأنفة فى المدح والإغراء، منقطعة، عما قبلها، وقيل هى على تقدير القول متصلة بقولهوأما الّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهم } أى يقال لهم عند دخول الجنة كنتم فى الدنيا خير أمة فلهذا ابيضت وجوهكم وصرتم إلى النعيم الخالد، والخطاب لأمة محمد، صلى الله عليه وسلم، المؤمنين. وعن ابن عباس الخطاب للذين هاجروا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال الضحاك للصحابة. قيل العموم للأمة المؤمنين كلهم أولى. وبه قال الحسن، ويدل لهُ كونهم شهداء على الناس. وروى أن مالك ابن الصيف، ووهب ابن يهوذا اليهوديين، قالا لعبد الله بن مسعود، وأبى بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسلام مولى حذيفة نحن أفضل منكم وديننا خير من دينكم الذى تدعونا إليه فنزلت الآية ويكون مؤمنوا هذه الأمة فاضلوها ومفضولوها خيراً من مؤمنى الأمم الماضية، فلا يشكل على التعميم ما رواه عمران بن حصين أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال " خير الناس قربى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتى من بعدهم قوم يشهدون ولم يستشهدوا، ويأتمنون ويخونون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمين " وروى يحلفون ولا يستحلفون. وما روى عن ابن مسعود رضى اللهُ عنه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم " خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجىء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته " لأن الحديثين فى تفضيل بعض الأمة على بعض، والآية تفضيل لها لها على غيرها، ثم إنهُ ليس المراد أن الأمة فى هؤلاء الذين ذمهم، بل يأتى بعدهم من هو خير من سبعين رجلا، كأبى بكر عمر، لأنهم لا يجدون على الخير أعواناً، كما فى الحديث، وقد قال أيضاً، صلى الله عليه وسلم، من رواية أنس

السابقالتالي
2 3 4