الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ } ال للجنس فالمراد الناس. { بِوَالِدَيِّهِ حُسْناً } مفعول مطلق على حذف مضاف وموصوف اي وصيناه بهما ايضا ذا حسن او منصوب علما نزع الباء أي وصيناه على والديه بحسن او مفعول لوصينا، كما يقال امرته خيرا ولو كان هذا قليلا لا يقاس الا ضرورة وقيل بقياسه مطلقا او مفعول لمصدر محذوف بناء على جواز أعماله محذوفا ولو في غير الظروف أي وصيناه عليهما أولهما بإتيانه حسنا او بإتيانه فعلا ذا حسن او فعلا هو نفس الحسن مبالغة والتوصية تجري مجرى الأمر تقول امراته بكذا او امرته كذا او مفعول لمحذوف على تقدير اقول بدلالة وصينا اي قلنا اولهما حسنا بفتح الهمزة واسكان الواو وكسر اللام او فعل بها حسنا فيحسن الوقف هذا على بوالديه وهو مفعول مطلقا على تقدير عامله وتضمين التوصية معنى القول أي وقلنا للانسان أحسن بوالديك حسنا فيكون حسنا اسم مصدر بمعنى الاحسان وقريء حسنا بفتح الحاء والسين اي وصيناه بالفعل الحسن او اولهما الفعل الحسن او افعل بهما فعلا حسنا وقريء إحسانا أي احسن بهما احسانا او غير هذا من الأوجه المذكورة. { وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } اي موافقة للواقع فلا يقال ان الكلام مفهم اثبات الشريك وانه غير معلوم او اراد بنفي العلم نفي المعلوم اي لا الوهية لسواه تعالى فضلا عن ان تعلم ونكتة التعبير ينفي العلم عن نفي المعلوم الاشعار بأن مالا تعلم صحته لا يجوز اتباعه وان لم يعلم بطلانه ولا سيما ما علم بطلانه فان ضمر القول قبل او ضمن وصينا معنى قلنا فذاك والأقدر هنا اي وقلنا له وان جاهداك الخ. { فَلا تُطِعْهُمَا } في الاشراك وفي الحديث " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " رواه الخازن وفي ذلك ارشاد الى انه كل حق وان عظم ساقط اذا جاء حق الله والكلام في الانسان مطلقا او في المؤمن بالله ورسوله وبه فسر الشيخ هود ويجوز ان يكون الخطاب للانسان الموحد على الاستئناف قلا يقدر هنا قول قال قتادة نزلت الآية في شأن سعد بن ابي وقاص الزهري حين هاجر وحلفت امه ان لا تستظل بظل حتى يرجع اليها ويكفر بمحمد فلح هو في هجرته واسمها حمنة بنت ابي سفيان بن امية بن عبد شمس وروي انها قالت له يا سعد بلغني انك صبأت فوالله لا يظلني سقف من الشمس والريح وان الطعام والشراب علي حرام حتى تكفر بمحمد وبهذا الدين الذي احدث أو اموت فتعير بذلك أبدا يقال يا قاتل امه وكان أحب ولدها اليها وكان يبر والديه جدا وهو ابو اسحاق سعد بن مالك وهو المراد ايضا في لقمان والاحقاف فمكثت يوما وليلة لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل فأصبحت وقد جهدت ثم مكثت كذلك يوما آخر وليلة فجاءها وقال لها يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني فكلي واتركي ولما آيست منه أكلت وشربت واستظلت وروي انها لما تمّ لها ثلاثة ايام جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يداريها ويترضاها بالاحسان فنزلت الآية ان يحسن الانسان الى الوالدين ولكن لا يطعهما في الاشراك وقيل نزلت في عباس بن ابي ربيعة المخزومي وذلك انه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى نزلا المدينة فخرج ابو جهل والحارث بن هشام اخواه من امه اسماء بنت مخزمة التميمية الحنضلية فنزلا بعياش وقالا له من دين محمد الأرحام وبر الوالدين وقد تركت امك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوي بيتا حتى تراك وهي اشد حبا لك منا فأخرج معنا وذلك منهما خديعة فاستشار عمر فقال هما يخدعانك ولك على ان اقسم مالي بيني وبينك فما زالا به حتى أطاعهما فقال عمر اما اذا عصيتني فخذ ناقتي وليس في الدنيا بعير يلحقها فان رابك منهما ريب فارجع فلما انتهوا الى البيداء قال ابو جهل ان ناقتي قد كلت فاحملني معك قال نعم فنزل ليوطي لنفسه وله فأخذاه فشداه وثاقا وجلده كل منهما مائة جلدة وذهبا به الى امه فقالت لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد.

السابقالتالي
2