الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ }

{ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يعني المؤمنين السابقين مع انبيائهم ابتلاهم الله بالفرائض فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من قتل وابتلى بني اسرائيل بفرعون فكان يسومونهم سوء العذاب وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قد كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دنيه " والكلام متصل بحسب او بـلا يفتنون } يعني ان الابتلاء سنة الله في عباده فكيف يتوقع خلافه لقول ألا يمتحن فلان وقد امتحن خير منه كذا قيل وهو غير مناسب من حيث ان اتباع الرسل ليسوا خيرا من اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم بل الأمر بالعكس الا ان اريد ان اتباعهم المبالغ في تعذيبهم على الدين كالذين نشروا خير من اتباعهم الذين لم يبالغ في تعذيبهم كذلك. { فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا } في ايمانهم. { وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ } فيه والفاء لتعليق العلم بالاختبار أي ليعلمنهم بالامتحان اي يصل بهم مثل يعمل الانسان بمن جهل امره ليعلمه والا فالله عالم بكل شيء وان قلت فلم قال ليعلمن بصيغة الاستقبال او الحال؟ قلت متابعة وتطبيقا للتمثيل فان الانسان المختبر لغيره يعلم حال غيره في الحال بالاختبار او في الاستقبال او المضارع للاستمرار الشامل للازمنة الثلاثة وما زلت يترايا لي وجه في الآية ونحوها حتى وقفت عليه لجار لله وهو ان الله سبحانه يعلم ما سيقع قبل وقوعه بلا أول ولا يوصف بأنه يعلمه موجودا قبل وجوده فان هذا كذب ونقص فالله جل وعلا علم في الأزل من يصدق ومن يكذب ولا نقول علمه قد صدق وقد كذب الا بعد الصادقين وكذبك الكاذبين وليميزنهما ولكن اسند العلم الى الله سبحانه لأنه خالق العلم والتمييز ومعطي العلم والتمييز او العلم كناية عن الجزاء بالثواب والعقاب وقرأ علي والزهري { وليعلمن } بضم الياء وكسر اللام مضارع اعلم اي وليجعلن الناس عالمين بالكاذبين بأن يسوّد وجوههم ويزّرق عيونهم يوم القيامة او ليجعلن الكاذبين بعلامة هي الزرقة والسواد يوم القيامة او ليجعلن الناس عالمين بهم في الدنيا والكاذب يعم المشرك والمنافق.