الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَاماً } بعد الارسال ارسله عند الأربعين ولبث فيهم اي أقام فيهم بعد ذلك يدعوهم الى التوحيد والعمل الصالح الف سنة الا خمسين عاما وحي بعدهم ستمائة سنة قاله كعب وقال وهب وحي بعدهم اربعمائة سنة وقال ابن عباس ستين سنة وقال مقاتل بعث وهو ابن مائة سنة وقيل ابن مائة وخمسين وقيل ابن مائتين وخمسين وانما ميز احد العددين بالسنة والآخر بالعام ولم يميزهما بواحد لان تكرير اللفظ الواحد في الكلام الواحد حقيق بالاجتناب في البلاغة الا اذا وضع ذلك لاجل غرض يفيده المتكلم من تفخيم او تهويل وتنويه ونحو ذلك وان قلت الف سنة إلا خمسين سنة هو تسعمائة سنة وخمسون فهل لا قيل فلبث فيهم تسعمائة سنة وخمسين عاما؟ قلت لو قال ذلك لكان من الجائز ان يراد بتسع المائة والخمسين ما يقرب من هذا العدد وان يراد نفس العدد لا اقل ولا اكثر واما اذا قال الف سنة الا خمسين فالكلام نص ان العدد على التحقيق لا التقريب مع انه انتصر وايضا في ذكر الالف تطويل للمدة والخمسون ولو استثنت لكنها لقلتها بالنسبة للباقي كأنها غير مستثناة والقصة مسوقة لذكر ما ابتلي به نوح عليه السلام من امته وما كابده من طول المصابرة تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتثبيتا له صلى الله عليه سلم كيف تضيق يا محمد وقد صبر نوح قبلك ما صبر وقد آمن من قومك كثير ولم يؤمن من قوم نوح الا قليل. { فَأَخَذَهُمُ الطَّوفَانُ } أغرقهم الماء الكثير وسمي طوفانا لأنه طاف بهم من جهاتهم كلها قيل وكل ما طاف بالشيء فهو طوفان قيل يقال طوفان لكل كثير خارج عن العادة من ماء او نار او موت او سيل او ظلام وغير ذلك طوفان. { وَهُمْ ظَالِمُونَ } انفسهم بالمعاصي والشرك قيل كان الطوفان قبل النبي صلى الله عليه وسلم بألف وست مائة.