الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرآنَ } أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل به وقيل أنزله وقال مجاهد اعطاكه. { لَرَّادُّكَ إِلَى مَعَادٍ } يردك بعد الموت الى موضع عظيم هو مرجعك ليس لغيرك من البشر وهو المقام المحمود يثيبك ثوابا لا غاية له ولا يوصف على التلاوة والتبليغ والعمل والمعاد اسم مكان اي موضع العود، والعود الرجوع ونكّره للتعظيم وذلك رواية عن ابن عباس وقال الجمهور المعاد الآخرة وعن ابن عباس المعاد الجنة وعنه وعن مجاهد مكة لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار مهاجرا سار على غير الطريق مخافة الطلب فلما أمن ورجع الى الطريق نزل بالجحفة بين مكة والمدينة وعرف الطريق الى مكة اشتاق اليها وهي مولده ومولد آبائه ومنشأه وحرم ابراهيم عليهما الصلاة والسلام فنزل عليه جبريل فقال أتشتاق الى بلدك؟ قال نعم، فان الله تعالى يقول { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرآنَ لَرَّادُّكَ إِلَى مَعَادٍ } وهذه الآية نزلت بالجحفة وقيل السورة كلها مكية وعده الله وهو بمكة في أذى وغلبة من اهلها انه يهاجر به منها او يعيده اليها ظاهرا ظافرا وتنكير معاد للتعظيم فان مكة معاد لها شأن لغلبته صلى الله عليه وسلم وذلك بالفتح وفي رواية عن ابن عباس المعاد الموت وقيل القيامة وعلى ان المعاد مكة يجوز ان يكون مفعلا من العادة لأنه صلى الله عليه وسلم اعتاد مكة ولما حكم بأن العاقبة للمتقين واكد ذلك بوعد المحسنين ووعيد المسيئين وعد رسوله صلى الله عليه وسلم بالعاقبة الحسنى في الدارين وقال له صلى الله عليه وسلم كفار مكة انك في ضلال مبين فأنزل الله سبحانه { قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِالهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } الجائي بالهدى وهم في ضلال مبين ومن مفعول لفعل محذوف دل عليه اسم التفضيل او لاسم التفضيل على انه بمعنى عالم وأجيز عمله في المفعول به ولو بقي على معناه وفي ذلك تقرير للوعد والوعيد السابقين كأنه قيل ربي اعلم بما يستحقه من جاء بالهدى من الثواب والنصر وبما يستحقه من هو في ضلال مبين من العقاب والاذلال فان علمه سبحانه بشيء كناية عن الجزاء به او مستلزم للجزاء به وقررهما ايضا بقوله { وما كنت ترجوا... }