الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ }

{ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ } لهم المراد الذين أوتوا العلم بما وعد الله في الآخرة علما مازج قلوبهم بحيث ينتفعون به قال ابن عباس يعني الأحبار من بني اسرائيل. { وَيْلَكُمْ } الويل الدعاء بالهلاك واستعمل في الزجر عما لا ترتضي فكانوا يقولونه ولولا هل الخير لأنه بمنزلة كلا والأولى ترك استعماله في هل الولاية والوقوف لانه موهم. { ثَوَابُ اللهِ } وهو الجنة. { خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } من الدنيا وما فيها ما أوتي قارون وما أوتي غيره. { وَلا يُلَقَّاهَا } أي لا يلقى تلك الكلمة أو الجملة التي تكلم بها الذين أتوا العلم اولا يلقى الاعمال الصالحة المدلول عليها بقوله { وَعَمِلَ صَالِحاً } أو لا يلقى الجنة المدلول عليها بثواب الله او لا يلقى الثواب وأنث لأنه لجنة او لمثوبة او لا يلقى العمل الصالح والايمان وأنث وأفرد لأنهما بمعنى السيرة والطريقة أو الفريضة ولقيت زبد المال جعلته قد لقيه وحضر له وأعطيته إياه. { إِلا الصَّابِرُونَ } على الطاعة وعن المعصية وعلى ما قسم الله له، قال في عرائس القرآن أوحى الله تعالى الى نبيه موسى عليه السلام أن يأمر قومه ان يعلقوا في أرديتهم خيوطاً أربعة في كل طرف خيط أخضر كلون السماء فقال يا رب لم أمرت بني اسرائيل تعليق هذه الخيوط؟ فقال جل جلاله إن بني إسرائيل في غفلة فيذكروني بذلك يتذكر لون السماء وذلك ان السماء مهبط الوحي ومحل الملائكة ويعلمون أن كلامي نزل منها قال موسى أفلا تأمرهم أن يجعلوا أرديتهم كلها خضراء فان بني إسرائيل تحقر هذه الخيوط فقال موسي إن الصغير من أمري ليس بصغير وأنهم إن لم يطيعوني في الأمر الصغير لم يطيعوني في الأمر الكبير فبلغ موسى الرسالة ففعلوا إلا قارون فلم يفعل وقال انما يفعل هذا الأرباب بعبيدهم لكي يتميزوا من غيرهم وهذا من جملة بغية، ولما قطع موسى ببني اسرائيل البحر جعلت الحبورة قال وهي رئاسة المذبح وبيت القربان لهارون عليه السلام فكانت بنو إسرائيل يأتون بقرابينهم الى هارون ويذبحونها ويدعها على المذبح فتنزل نار من السماء فتأكلها فوجد قارون من ذلك في نفسه فقال يا موسى لك الرسالة ولهارون الحبورة ولست انا في شيء من ذلك وانا أقرأ التوراة منكباً لا صبر لي على هذا قال بعضهم هو كما زعم انه أقره منهما، وقيل لا إنما هو أقراه من غيرهما، فقال موسى والله ما أنا الذي جعلتها في هارون بل الله سبحانه جعلها له فقال قارون والله لا أصدقك في ذلك حتى تريني بيانه، فجمع موسى رؤساء بني اسرائيل فقال هاتوا عصبكم، فأتوا بها، فجمعها وألقاها في قبته التي يعبد الله عز وجل فيها وجعلوا يحرسون عصيهم حتى اصبحوا، فأصبحت عصى هارون قد أزهرت ولها ورق أخضر وكانت من شجر اللوز فقال موسى عليه السلام أترى يا قارون هذا من فعلي؟ فقال والله ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر فذهب مغاضبا واعتزل بأتباعه وجعل موسى يداريه للقرابة بينهما وهو يؤذيه في كل وقت ولا يزيد كل يوم إلا عتواً وتجبراً ومخالفةً ومعاداةً حتى بنى دارا وجعل بابها من الذهب وضرب على جدرانها صفائح الذهب وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون اليه ويروحون فيطعمهم ويحدثونه ويضاحكونه، قال ابن عباس رضي الله عنهما أن الله أنزل الزكاة على موسى ولما نزلت أتى قارون لموسى فصالحه على كل الف دينار بدينار وعلى كل الف درهم بدرهم وعلى كل الف شاة بشاة وعلى كل الف شيء بشيء ورجع لبيته فوجد ذلك كثيراً فلم تسمح نفسه بذلك فجمع بني إسرائيل وقال يا قوم ان موسى قد أمركم بكل شيء فأطعتموه فهو الآن يريد ان يأخذ أموالكم فقالوا له أنت كبيرنا وسيدنا فمرنا بما شئت قال آمركم ان تجيئوا بفلانة البغي فنجعل لها جعلاً على ان تقذف موسى بنفسها فاذا فعلت ذلك خرج عنه بنوا اسرائيل فأتوا بها فجعل لها قارون ألف درهم وقيل ألف دينار وقيل طستاً من ذهب وقيل حكمها في ما له وقال لها أخلطتك بنسائي على ان تقدفي موسى بنفسك غداً إذا اجتمع بنوا إسرائيل، ولما كان الغد جمع بني اسرائيل ثم أتى الى موسى فقال ان بني إسرائيل مجتمعون ينتظرون خروجك لتأمرهم وتنهاهم وتبين لهم أعلام دينهم وأحكام شريعتهم فخرج اليهم موسى وهم في براح من الأرض فقام فيهم خطيباً ووعظهم وقال فيما قال يا بني اسرائيل من سرق قطعنا يده ومن زنى جلدناه مائة جلدة وان كان امرأة رجمناه وان افترى جلدناه ثمانين.

السابقالتالي
2 3