الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ }

{ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ } أي بلغه المراد بئر يسقون منها مواشيهم. { وَجَدَ عَلَيْهِ } أي على شفيره. { أُمَّةً } جماعة كثيرة مختلفة. { مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ } مواشيهم. { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ } أي غير الجماعة أو في مكان أسفل من مكانهم وقيل بعيدا عن الجماعة. { امْرَأَتَيْنِ } وصل اليهما قيل الوصول الى الأمة. { تَذُودانِ } تمنعان أغنامهما عن الماء لئلا تختلط بأغنام الناس وخوفا من السقات الأقوياء ولئلا تختلطا بالرجال، وعن بعض تأخرتا حتى يصدر الرعاة فتسقيا أغنامهما مما بقي في حياضهم وتقديري مواشيهم بعد يسقون وأغنامهما بعد تذودان بيان للواقع وبيان لكون المفعول محذوفا ولا يمنع اثبات المفعول لهما كون موسى عليه السلام رحم الابنتين على مطلق الذياد والحال ان قومهما على السقي لا لكون مذودهما غنما ومسقيهم ابلا او ابلا وغيرها لجواز ذكر المفعول وتعليق الحكم بناصية بدون النظر اليه وصحح ابن هشام انه لا مفعول لهما قال ومما لا يقدر له مفعول على الأصح { وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ } الآية ألا ترى انه صلى الله عليه وسلم انه رحمهما كانتا على صفة الذياد وقومهما على السقي لا لكون مذودهما غنما ومسقيهم ابلا وكذلك المقصود من قولهما ألا نسقي السقي لا المسقي ومن لم يتأمل قدر يسقون ابلهم وتذود أن غنمهما ولا نسقي غنمنا. { قَالَ } لهما موسى. { مَا خَطْبُكُمَا } ما شأنكما لا تسقيان. { قَالَتَا لا نَسْقِي } أغنامنا. { حَتَّى يُصْدِرَ } أي يرجع. { الرِّعَآءُ } جمع راع من السقي قرأ ابو عمر وابن عامر بفتح الياء وضم الدال وقرأه الباقون بضم الياء وكسر الدال وبهذا نقرأ فيقدر له مفعول وهو رباعي أي يصرفوا أغنامهم وقريء بضم نون نسقي وراء الرعاء فيكون اسم جمع وذكر جار الله أن الرعاء بالكسر قياس كصيام وقيام. { وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } لا يقدر أن يسقي فلذلك أرسلنا للسقي ومالنا رجل يقوم بذلك ولا نقدر على مزاحمة الرجال فتأخرنا فبان لك ان شعيبا انما أرسلهما للسقي عن ضرورة مع انه ليس بمحظور شرعا والأحوال متابينة والعرب خلاف العجم في الأحوال وأحوال البدو غير أحوال الحضر والمشهور أن أبوهما هو شعيب وقيل ثيرون بن أخي شعيب وكان شعيب قد مات بعد ما كف بصره وقيل هو رجل ممن آمن بشعيب وقيل هو سيد ذلك الماء يومئذ فلما سمع موسى كلامهما رق لهما ورحمهما فاقتلع صخرة عن فم بئر أخرى كانت بقربهما لا يطيق رفعها إلا أربعون رجلا وقيل عشرة وكانت آبارهم تغطى بالحجارة.