الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ } القصر وقيل صحن الدار وقيل الصرح القصر قبل عرصة الدار قال محمد بن كعب أمر سليمان الجن فصنعت له صرحا وهو أملس وهو السطح في الصحن من غير سقف وبنته كالسهريج مملوءً ماء وبث فيه السمك وطبقه بالزجاج الأبيض الشفاف وبهذا جاء صرحا والصرح أيضا كل بناء عال والكل من التصريح وهو الاعلان البالغ وقيل الصرح صحن الدار والقى تحته في الماء السمك والضفادع وغيرها من دواب الماء ووضع كرسيه في صدره فجلس عليه وعكف عليه الطير والجن والانس وفعل ذلك ليزيدها استعظاما لأمره وتحققا لنبوته ولتكشف عن ساقيها فيرى هل هما شعرا وان أم لا وهل هما كحافر حمار أم لا وذلك ان الجن بهتوها بذلك لئلا يتزوجها فيولد له ولد منها فيجمع فطنة الجن والانس فيملك بعده فلا ينفكون من التسخير بل يشتد التسخير ولئلا تفشي اليه ما كتموه من أمر الجن وقيل عمل الصرح ليختبر فهمها كما فعلت بالوصفان والوصائف ويعاتبها بذلك وهو قول بن منبه. { فَلَمَا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً } ماء عظيما. { وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا } لتخوضها الى سليمان ولا تبتل ثيابها. { قَالَ } سليمان. { إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ } مملس. { مِّن قَوَارِيرَ } الزجاج وليس بماء قال لها ذلك بعد أن رآها أحسن الناس قدما وساقا الا انها كانت شعراء الساقين وكف بصره عنها بعد ذلك وأخبرها انه ليس بماء فسترت ساقيها وروي ان الجن قالوا لها ذلك أيضا بعد ان رآها وقرأ ابن كثير سأقيها بهمزة الألف قال الكلبي اجروا الماء أو حفروه في أرض بيضاء وبنوا عليه بالزجاج وتحته دواب البحر وعن مجاهد كان الصرح بركة ماء ضرب عليها سليمان الزجاج وزعموا عنه أن امها جنية وأن مؤخر رجليها كحافر الدابة فكانت اذا وضعته على الصرح هشمته وروي ان بعض الجن قال أنا اصرفه عن تزوجها وجاءه فقال له لم تلد جنية من انسي إلا وكان رجلها رجل حمار فوقع ذلك في نفس سليمان فجاءه جني يحبه فقال له يا نبي الله أنا أعمل لك شيئا تختبرها به فعمل الصرح وعلمت أن ملك سليمان من الله تعالى وآمنت بالله وبنبوته. { قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } بعبادة غيرك وقيل لما بلغت الصرح ظنته لجة فقالت في نفسها أن سليمان يريد أن يغرقني وكان القتل أهون من هذا ولما تبين لها غير ذلك قالت رب اني ظلمت نفسي بذلك الظن. { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ } والظاهر أن هذا الكلام منها يوجب ولايتها والقطع انها من أهل الجنة فانظر كتب الفقه ثم أن بعض العلماء يقول لا علم لأحد وراء قولها وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين اذ لم يرد أمرها في الكتاب ولا في السنة وقيل أمرها بعد ذلك انه تزوجها سليمان وكره كثرة شعر ساقيها فسأل الانس عما يذهب ذلك؟ فقال الموسى فقالت انه لم يمسني حديد قط فكره سليمان الموسى وقال انها تقطع ساقيها فسأل الجن فقالوا لا ندري فسأل الشياطين فكتموا فألح عليهم فقالوا نحتال لك حتى تكون كالفضة البيضاء فاتخذوا النورة والحمام ولم يكونا قبل ذلك وأحبها سليمان حبا شديدا وأقرها على ملكها وأمر الجن فبنوا لها في اليمن سلحين وبينون وغمدان ثلاثة حصون لم ير مثلها ارتفاعا وحسنا وكان يزورها من الشام كل شهر مرة على الريح فيقيم عندها ثلاثة ايام وولدت له ابنا سمّاه داوود ومات في حياته وقال الضحاك تزوجها وأسكنها الشام وعن ابي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2