الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ }

{ يَلْقُونَ السَّمْعَ } أي تلقي الشياطين اسماعهم على ما تقول الملائكة وتأتي به الى الكهنة أو يلقون مسموعهم الى الكهنة فينتج من ذلك أن الشياطين لا تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ليس بأفاك أثيم كهؤلاء الكهنة ونحوهم ولأنه اذا أخبر عن مغيب خرج على وفق أخباره بخلافهم فان أكثرهم كاذبون لأن اكثر الشياطين الملقين اليهم كاذبون كما قال الله سبحانه. { وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } يسمعون كلمة من الملائكة ويلفقون اليها كل ما على حسب تخيلهم لا يطابق أكثرها الخارج فعلمهم ناقص ويجوز رجوع ضمير يلقون وأكثرهم للأفاكين الآثمين أي يلقون اسماعهم الى ما تقول الشياطين ويكذبون والمشهور أن الالقاء والأكثرية والكاذبية للشياطين وقال صلى الله عليه وسلم " الكلمة يحفظها الجني فيقرها في أذن وليه فيزيد فيها أكثر من مائة كذبة " وهو الواضح وبالجملة قل ما يصدق الكاهن عن أمر السماء لأنه يكذب اكثر من مائة كذبة ولأن الجني انما يسمع عن الملائكة مع شدة كلام الملائكة وغموضه وقصور فهم الجن وضبطهم وكذبهم وتزلزلهم توقعا من الرجم وكان الرجم قبل البعثة وكثر بعدها وخرج بالأكثر القليل فإن بعض الجن وبعض الكهنة لا يزيدون في الكلام الملقي ويكذبون في ساير الكلام وقيل المراد وكلهم كاذبون فعبّر بالأكثر ولك أن تقول عبر بالأكثر عن أقوالهم فالأكثر باعتبار أقوالهم وجمع كاذب جمع مذنب تبعا للفظ فان الظاهر اكثر الشياطين أو الكهنة والمراد انه يضمون الى الكلام الملقي كذبا كثيرا ولك أن تقول الاصل وأكثر أقوالهم فحذف المضاف وناب عنه المضاف اليه فنسبت الأكثرية اليهم نسبة اضافية فكان الخبر طبقهم جمع سلامة وكل وجه من ذلك دافع لما قد يستشكل من نسبة الافك والاثم للكل ونسبة الكذب للأكثر وجملة يلقون مستأنفة أو نعت لكل أو لأفاك نظرا للمعنى أو حال من ضمير تنزل.