الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }

{ أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً } أولم يكن لكفار مكة وغيرهم دليلا على صحته أي القرآن أو على نبوته صلى الله عليه وسلم. { أَن يَعْلَمَهُ } أي القرآن أو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. { عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ } أي ان يعرفه علماء بني اسرائيل بنعته المذكور وفي كتبهم وأن يعلمه في تأويل مصدر اسم يكن وآية خبره ولهم متعلق بيكن او المحذوف حال من آية أو اسم يكن ضمير القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم وآية خبر ولهم متعلق يكن أو المحذوف حال من أية وأن يعلمه بدل من ضمير يكن بدل اشتمال لكن فيه الفصل قال ابن هشام اذا كانت معرفة ونكرة جعلت المعرفة اسما والنكرة خبرا ولا تعكس الا في الضرورة وإما قراءة ابن عامر أولم تكن لهم آية بعلمه بتأنيث تكن ورفع اية فان قدرت تكن تامة قلهم معلق بها أي أو حال من أية وآية فاعلهما وأن يعلمه بدل من آية أو خبر لمحذوف أي هي أن يعلمه وأن قدرتها ناقصة فاسمها ضمير القصة وأن يعلمه مبتدأ أو آية خبره والجملة خبر كان أو آية اسمها ولهم خبرها وأن يعلمه بدل من آية أو خبر لمحذوف وإما تجويز الزجاج كون أية اسمها وان يعلمه خبرها فردوا لما ذكرنا أي من أن المعرفة هي التي تجعل اسما اذا كانت مع النكرة واعتذر له بأن النكرة قد تخصصت بلهم أي بأن يجعل حالا منها وقرى تعلمه بالمثناة الفوقية وعلماء بني اسرائيل عبدالله بن سلام وغيره قاله ابن عباس ومجاهد قال بعضهم كانوا خمسة عبدالله بن سلام وابن يامين وثعلبة وأسد وأسيد قال مقاتل هذه الآية مدنية ومن قال مكية ذهب إلى أن علماء بني اسرائيل ذكروا لقريش أن في التوراة صفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وان هذا زمانه قال ابن عباس بعث أهل مكة لليهود وهم بالمدينة يسألونهم عن محمد صلى الله عليه وسلم فأجابوهم بصفته وإن هذا زمانه. فصل قال عبدالله بن عمرو بن العاص والله لأنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآنيا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } وحرر للأميين انت عبدي ورسولي سميتك المتوكل لست بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح به أعينا عمياء وآذانا صماء وقلوبا غلفا وكذا عن عبدالله بن سلام وكعب الأحبار زاد ابن اسحاق ولا متزين بالفحش ولا قوال للخنا أسدده لكل جميل وأهب له كل خلق كريم ثم أجعل السكينة لباسه والبر شعاره والتقوى ضميره والحكمة معقلة والصدق والوفاء طبيعته والعفو والمعروف خلقه والعدل سيرته والحق شريعته والهدي إمامه والاسلام ملته وأحمد اسمه أهدى به بعد الضلالة وأعلم بعد الجهالة وارفع به بعد الخمالة وأسمى به بعد النكرة وأكثر به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة وأجمع بعد الفرقة وأؤلف به بين قلوب مختلفة وأهواء متشتته وأمم مفترقة واجعل امته خير أمة أخرجت للناس وفي التوراة عبدي أحمد المختار مولده بمكة ومهاجره بالمدينة أمته الحامدون له على كل حال قال السهيلي وهو من علماء سهيل بلدة في الأندلس كان النعمان السباء من أحبار يهود اليمن سمع بذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقدم اليه فسأله عن أشياء ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أبي كان يختم على سفر ويقول لا تقول على يهود حتى تسمع بنبي خرج بيثرب فاذا سمعت به فافتحه فلما سمعت بك فتحت السفر فاذا فيه صفتك كما أراك فيه الساعة واذا فيه ما تحل وما تحرم واذا فيه انك خير الأنبياء وأمتك خير الأمم واسمك أحمد وأمتك الحامدون قربانهم دماؤهم وأناجيهم صدورهم لا يحضرون قتالا إلا وجبريل عليه السلام معهم واذا سمعت فيه فأخرج اليه وآمن به وكان صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع أصحابه حديثه فأتاه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا نعمان حدثنا فحدثهم بذلك فرأى صلى الله عليه وسلم يتبسم ثم قال أشهد أني رسول الله النعمان هذا هو الذي قتله الأسود العنسي وقطعه عضوا عضوا وهو يقول أشهد أن محمدا رسول الله وانك كذاب مفتر على الله تعالى ثم أحرقه وقال عيسى عليه السلام من أبغضني فقد أبغض الرب ولكن لا بد من أن تتم الكلمة التي في الناموس انهم أبغضوني مجانا أي باطلا فلو جاء المنحمنا هذا الذي يرسله الله اليكم من عند الرب خرج وهو شهيد على فالمنحمنا بالسريانية محمد صلى الله عليه وسلم وهو بالرومية البر قليطس وسمي في كتاب داود عليهما السلام بجبار وفيه نقلد أيها الجبار سيفك فإن ناموسك وشرايعك مقرونة بهيبة يمينك وقال الله سبحانه لموسى عليه السلام أني أقيم لبني اسرائيل من اخوانهم نبيا مثلك اجعل كلامي على لسانه من عصاه انتقمت منه فان قيل ذلك يوشع فقد قال في التوراة لا يخلف من بني اسرائيل نبي مثل موسى لكن من اخوتهم أما العرب وأما الروم أما الروم فلم يكن منهم نبي إلا أيوب عليه السلام وهو قبل موسى فلا يمكن أن يكون هو المراد فلم يبق إلا العرب فهو إذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال الثعالبي وهو من علماء الجزائر وقد وقفت على هذا الكلام في توراتهم والكلام الأخير به ختم التوراة ولفظه ولم يقم نبي في بني اسرائيل مثل موسى الذي كلمه الله مشافهة وهذا النص بعينه نقله بعض الأئمة المحققين من علماء قرطبة وهي أجل بلاد الأندلس في كتاب سماه مقامع الصلبان وروضات الإيمان أحسن والله فيه كل الاحسان وبين فيه غامضات الكتب القديمة غاية البيان وأقام الحجة على أهل الكتاب بما في كتبهم بغاية البيان وأوضح البرهان فلم يبق للمخالف منهم سوى العناد ومن يضلل الله فما له من هاد ونقل من كتبهم نصوصا بلا زيادة ولا نقصان اطلع عليها في كتبهم العبرانية بنفسه وطالع بعض تفاسيرها قال وما رأيت فيها من اضافة الحول والقوة لعيسى فتحريف منهم قال وقد قدمت في هذه الرسالة دلايل على ان عيسى ما ادعى الالهية وانما نقلت ما في انجيلهم حرفا حرفا قال ابن القطان وفي التوراة جاء النور من سيناء وأشرق من ساغين واستعلى من جبل فاران ومعه جماعة من الصالحين فمعنى مجيئه من سيناء أن الله أنزل التوراة فيه ومعنى اشراقه من ساغين أن عيسى كان أشرق بجبل ساغين وهي جبال الروم ومعنى استعلائه من جبل فاران ان الله يبعث محمدا ويوحي اليه فيه ولا خلاف ان فاران مكة ففي التوراة أن الله أسكن هاجر وابنها اسماعيل فاران وفي أول سفر من التوراة حكاية لخطاب خاطب الله به اسماعيل ستلد عظيما لأمة عظيمة وفي مقامع الصلبان وقد ناظر يوما احد أحبار اليهود وأهل الذكاء منهم في قوله في التوراة اني أقيم لبني اسرائيل من اخوانهم إلى آخر ما مر فقال لي هذا كله صحيح لا أجد اعتراضا عليه غير أنه قال سأقيم لبني اسرائيل ولم يكن محمد إلا إلى العرب قلت ما على الأرض من يجهل أن محمدا قال بعثت إلى الأحمر والأسود والحر والعبد والذكر والأنثى وهذا كتابه ينطق انه مبعوث إلى الخلق كافة قال لا يمكنني ولا غيري دفع وبذلك أخبرنا اسلافنا الا فرقة من اليهود يقال لها العسيوفيه تقول بنبوته وتنكرانه مبعوث إلى غير العرب ولسنا على شيء مما هم عليه وبالله ما ادري كيف يكون الخلاص وغاية ما نأخذ به انفسنا النهي عن ذكره بسوء وفي التوراة حكاية لخطاب ام اسماعيل هاجر قد سمعت خشوعك في اسماعيل وستكون يده فوق يد الجميع ويد الجميع مبسوطة اليه بالخضوع ولا محالة أن ولد اسماعيل لم تكن أيديهم إلا تحت أيدي ولد اسحاق لأن النبوة كانت في ولد اسحاق ولما بعث الله سيدنا محمدا جعل يد ولد اسماعيل فوق يد الجميع ورد النبوة فيهم ونماهم وعظمهم وبارك عليهم جدا جدا والمراد بهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويدل لهذا قوله ويقاتل جميع الناس ويقاتلونه ويضع فسطاطه في بلاد اخوته ولا محالة أن هذه صفة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لا صفة اسماعيل ولو قال الله ذلك في اسماعيل بكثرة الكناية بالجد عن الحفيد قال في مقامع الصلبان قال في التوراة قبل السيد من سيناء ومن الثبير تراه لنا وأقبل من جبل فاران ومعه آلاف من الصالحين ومعه كتاب الناري وجميع الصالحين في قبضته ومن تدانى من قدميه يصب من علمه الناري النوراني وأنزلنا اليكم نورا مبينا وفيها أن الله قال لابراهيم حين دعاه ابنه اسماعيل قد اجبتك في اسماعيل وباركت عليه وكثرته وعظمته جدا جدا وقال اجعله لأمة عظيمة يريد أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

السابقالتالي
2 3