الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً }

{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً } اي مشي هون بمعنى سكون وتواضع لا يلتفتون ولا يجدون النظر ولا يمرحون فهونا مصدر النائب عن المصدر الذي هو مفعول مطلق والاصل مشي هون كما مر أو هو مصدر بمعنى الوصف مفعول مطلق اي مشيا هينا أو حال اي هينين. واضاف العباد للتخصيص فان من لم تكن صفته ما ذكره الله فهم عباد لابليس اي تابعوه والكل خلق لله وملك له وايضا اضافهم للتفضيل وبعض يطلق التخصيص والتفضيل لمعنى او أضافهم إليه لانهم الراسخون في عبادته دون غيرهم وحملا لعباد بالكسر والتخفيف جمع عبد على عباد بالضم والتشديد جمع عابد وعباد مبتدأ خبره جملةاولئك يجزون الغرفة } وما بينهما بعضه اعتراض وبعضه اوصاف أو خبره { الذين } من قوله { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ }. وفي الحديث " المؤمنون هينون لينون " قال بعضهم المؤمن لا يضرب بقدمه الارض ولا يخفق بنعله اشرا ولا يركب في السوق. وقيل معنى هونا ان امرهم كله يقومون به على حسن ولين. وقال مجاهد معناه حلم ووقار. وقال ابن عباس الطاعة والعفاف والتواضع. وقال الحسن حلما ان جهل عليهم لم يجهلوا. وقيل عنه يمشون حلماء علماء مثل الانبياء لا يؤذون الذر لسكون وتواضع وخشوع. وفي الحديث " الا اخبركم بمن يحرم على النار " أو قال " بمن تحرم عليه النار؟ كل مؤمن هين سهل " فائدة لا يقتل النمل الصغار ولا الكبار. وقيل يقتل لانه يؤذي. وقيل يقتل الصغار لا الكبار. وفي الاثر من قتل نملة اي ولو خطأ فعليه درهمِ اي للفقير. وفي لفظ ابي عزيز ان بعضهم رخص ان لا يلزم قاتلها درهم { وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الجَاهِلُونَ } بما يكرهون * { قَالُوا سَلاماً } مفعول لقالوا اي قالوا هذا اللفظ وهذا اللفظ في كلامهم إذا قالوه منصوب على انه مفعول مطلق لمحذوف اي سلمتم منا سلاما اي سلامة لا نجازيكم على قولكم أو نسلم منكم تسلما فأناب سلاما عن تسلما فهو على هذا اسم مصدر والمعنى عليه انا نفعل معكم ما نخرج به عن السلامة منكم. وقيل المراد قالوا قولا شديدا يسلمون فيه من الاثم ويدفعون برفق والمراد بالجهل السفه. وقلت الادب قيل ذلك منسوخ بآية القتال. قلت لا نسخ هنا لان الاغضاء عن السفهاء وترك المقابلة في الكلام مطلوب في كل زمان مع كل احد مشركا كان أو موحدا وكان الحسن البصري إذا قرأ هذه الآية قال هذا وصف نهارهم ثم إذا قرأ { وَالَّذِينَ يُبِتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيامَاً } قال هذا وصف ليلهم وفيه تحريض على قيام الليل والمراد السجود والقيام في الصلاة وَسُجَّد جمع ساجد والقيام جمع قائم. قيل أو مصدر اجري مجراهم وخص سجود الليل وقيامه لانه العبادة بالليل امتن واقوى وابعد من الرياء وذلك للخلوة وجمع العقل واراحة النفس عما تشتهي من نوم. قال ابن عباس من صلى بعد العشاء الاخيرة ركعتين أو اكثر فقد بات لله ساجدا وقائما. قال صلى الله عليه وسلم " من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة ومن صلى الفجر في جماعة كان كقيام ليلة " وقيل المراد الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء وأخر قياما للمفاضلة ولو كان القيام سابقا على السجود والواو لا ترتب.