الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً }

{ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } ارسلهما متجاورين بحيث لا يختلطان يقال مرج الدابة إذا خلاها. وقيل افاض احدهما على الاخر واخلطهما * { هَذَا عَذْبٌ } ضد المالح * { فُرَاتٌ } قامع للعطش من فرط عذوبته حتى يضرب لحلاوة * { وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } شديد الملوحة حتى يضرب للمرارة وقرئ بفتح الميم. قال جارالله ولعل اصله مالح فخفف بحذف الالف كما يقال في بارد برد. { وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً } حاجزا لا يختلط احدهما بالاخر فيكونا بحرا واحدا وذلك حجز قدرة. { وَحَجْراً مَّحْجُوراً } منعا ممنوعا ومحجورا نعت توكيد كأنه قيل منعا منعا قويا من الاختلاط والكون بحرا واحدا والاصل حجرا محجورا لفظ يقوله من وقع عليه مكروه كبغي كان كل واحد من البحرين يتعوذ من صاحبه ويقول له حجرا محجورا ان نكون بحرا واحدا وجعل كلا منها في صورة الباغي فهو يتعوذ منه وذلك مجاز بالاستعاذة من حسن الاستعارات واشدها على البلاغة كما قال لا يبغيان اي لا يبغي احدهما على الآخر بالممازجة. وعن بعضهم حَجْراً مَّحْجُوراً حدا محدودا. قال عياض المراد التنبيه على قدرة الله في ان بث في الارض مياها عذبة كثيرة في وسط اللجاح تحت البحر المالح وترى مياها عذبة في جزائر البحر المالح فالبحران يراد بهما جمع الماء العذب الفرات والماء المالح الاجاج. وقد ذكر بعضهم ان المياه العذبة المنصبة في البحر تنزل إلى اسفل البحر وتشربه حيوان البحر وعن بعضهم سمى الماءين الكثيرين الواميعن بحرين. وعن بعضهم ان المراد مثل دجلة والبحر المالح تدخله فتشقه فتجري في خلاله فراسخ لا يتغير طعمه. وقيل المراد بالبحر العذب النهر العظيم كالنيل وبالمالح البحر الكبير ويحتمل ان يكون مراد من قال سمى الماءين الكثيرين الواسعين بحرين. وعن الحسن البرزخ والحجر هو ما بين البحرين من الارض. قال القاضي فتكون القدرة في الفعل واختلاف الصفة.