الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً }

{ لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } لم يقل ميتة لتأويل البلدة أو لان ميتا غير جار على الفعل كمفعول بمعنى فاعل ومفعال فاستوى فيه المذكر والمؤنث ولان اصله مييت بكسر الياء الاولى واسكان الثانية سكونا ميتا وهي الزائدة قدمت هذه الثانية فسكنت سكونا حيا لوقوعها بعد فتحة وادغمت في الثانية حذفت احدى اليائين فبقيت الاخرى وهي الساكنة أو المتحركة ثم سكنت فقبل التقديم والحذف وزنه فعيل وفعيل يجوز تذكيره مع المؤنث اذا ظهر انه جرى على المؤنث شبه عدم اخراج الارض النبات وعدم نمو ما كان منه بالموت وشبه اخراج الله النبات بالماء وانما ما وجد منه باحياء. { وَنُسْقِيَهُ } اي الماء مضارع اسقى يقال اسقيته ماء اي اشربته إياه. وقيل المراد في الآية جعله للانعام والاناسيّ سقيا. وقرأ { نسقيه } بفتح النون مضارع سقى يقال سقاه ماء وأسقاه اياه اي جعله شاربا وهو معنى اشربته اياه. { مِّمَّا خَلَقْنَآ } الجار والمجرور حال من قوله { أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ } أي ليشرب منه الحيوان من أنعام وأناسي محتاجين اليه غاية الحاجة لشربهم وزروعهم وثمارهم * { كَثِيراً } وانما نكر الانعام والاناسي لان المراد نوع من ذلك وهم أهل البادية الذين يعيشون بماء السماء وانعامهم واما اهل المدن والقرى فيقيمون بقرب الانهار والاودية وخص ذكر الانعام لان منافع الناس متعلقة بها فالإنعام عليها بالماء كالإنعام عليهم. واما الطير والوحوش فانها تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب. وقدم احياء الارض واسقاء الانعام لان حياة الناس بهما ولانهم إذا ظفروا بما يكون به احياء الارض واسقاء الانعام لم يعدموا سقياهم. قيل { أَنَاسِيَّ } جمع أَنسي ويجوز ان يكون جمع انسان اصله ناسين وهو جمع تكسير قلبت النون ياء وادغمت فيها الياء على الوجهين حذفت الياء المدغمة تخفيفا كما يقال في تباطير ودنانير قناطير ودنانر وفي اناعيم جمع انعام أناعم. وقرئ بتشديد الياء فلا حذف. وقال ابن هشام أَناسي جمع انسان لا أنسي. قال الشيخ خالد لان أنسيّ آخره ياء النسب وما ختم بياء النسب لا يجمع على فعالا. قال ابن مالك ولو كان جمعا في أنسي لقيل في جمع جني جناني وفي جمع تركي تراكي. قال ابنه وهذا لا يقوله احد. وفي القاموس انه جمع أنسى وان يحيى بن الحارث قرأ بتخفيف الياء له. والقول بانه جمع انسان قول سيبويه والقول بانه جمع أنسي قول مبرد