الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ لاَ تَجْعَلُوا دُعآء الرَّسُولِ } اي نداءه * { بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضاً } بان تقول في ندائه يا محمد يا رجل أو يا هذا أو نحو ذلك مما هو غير تعظيم كالنداء من وراء الحجرات ورفع الصوت بل نادوه بما يدل على رفعة مثل يا نبي الله يا رسول الله مع توقير وتعظيم وخفض صوت هذا تفسير مجاهد. وقال ابن عباس لا تجعلوا دعاءه عليكم كدعاء بعضكم على بعض احذروا دعاءه إذا استخطتموه فان دعاءه مستجاب ويضعفه ان الدعاء لا يتعدى بنفسه إلى المدعو عليه أو له الا ان جعل بعضا منصوبا على نزع الخافض والذي يطابق ما تقدم قبل هذه الآية ان يكون المعنى لا تجعلوا دعاءه اياكم كدعاء بعضكم بعضا في جواز الاعراض والمساهلة في الاجابة والرجوع بغير اذن فان المبادرة إلى اجابته واجبة والرجوع بغير اذنه محرم ويلي هذا الوجه ان يكون المعنى لا تجعلوا دعاءه اياكم كدعاء صغيركم كبيركم يجيبه مرة ويرده اخرى فان دعاءه واجب الاجابة في كل حال فكلما دعاكم فاجيبوه. واجاز جارالله والقاضي ان يكون المعنى لا تجعلوا دعاء رسول الله كدعاء صغيركم كبيركم وفقيركم غنيكم تارة يجيبه وتارة يرده فان الله يجيب دعاءه في كل ما دعاه وهو وجه صحيح جائز. { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ } قد للتحقيق { الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ } قد يعلم الذين يخرجون قليلا قليلا من المسجد في الخطبة من غير استئذان من وسط الجمهور أو من طرفهم مثل تدخل اي دخل قليلا قليلا * { مِنكُمْ لِوَاذاً } اي ملاوذة مصدر لاوذ كقاتل قتالا وهو المساترة اي يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج خفية أو يلوذون بمن يؤذن له فينطلق معه كأنه تابعه وذاك ان المنافقين يثقل عليهم المقام في المسجد يوم الجمعة واستماع خطبة النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس وقيل كان ذلك منهم في حفر الخندق. وقيل امر الجهاد ولواذا مفعول مطلق تضمينا للتسلل معنى الملاوذة أو للملاوذة معنى التسلل أو حال مبالغة أو على حذف مضاف أي ذوي لواذا والتاويل بالوصف أي ملاوذين. وقرئ لواذا بفتح اللام مصدر لاذ على غير قياس أو اسم مصدر لاوذ { فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ } يخرجون عنه ولذا عدى يخالف بعن أو لتضمنه معنى يعرض أو ينصرف والهاء للرسول أو لله * { أَن تُصِيبَهُمْ } اي حذر ان تصيبهم أو لئلا تصيبهم * { فِتْنَةٌ } بلاء في الدنيا * { أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة. وعن ابن عباس الفتنة القتل. وعن عطاء زلازل واهوال. وعن جعفر بن محمد يسلط عليهم سلطان جائز. وقيل الفتنة اظهار نفاقهم والعذاب القتل. وقيل ان { ليخالفون } مفعولا محذوفا { يخالفون } المؤمنين عن امره وحذف لان المقصود بيان المخالف بكسر اللام والمخالف عنه بفتحها. واستدل بعضهم على ان الامر للوجوب بالآية لدلالتها على ان ترك مقتضى الامر مقتض لاحد العذابين فان الامر بالحذر عنه يدل على حسنه المشروط بقيام المقتضى له وذلك يستلزم الوجوب.