الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ } حيوان يدب على الارض وقرأ حمزة والكسائي خالق كل دابة باسم الفاعل والاضافة. { مِّن مَّآءٍ } نكرة لان المقصود من ماء مخصوص وهو النطفة أو هو من نطفة مخصوصة فان نطفة خلقت منها دابة غير نطفة خلقت منها الآخر. وقال القزويني والتفتازاني التنكير للافراد أو النوعية اي كل فرد من افراد الدواب من نطفة معينة هي نطفة ابيه المختصة به أو كل نوع من انواع الدواب من نوع من انواع المياه وهو نوع النطفة التي تختص بذلك النوع من الدواب. وان قلت إذا اريد الماء المشروب لم تدخل فيه الملائكة والجن؟ قلت لا ضير في عدم دخولهم لان المراد ما نشاهده وهم لا نشاهدهم وقد لا نسلم عدم دخولهم. فقد قيل ان الملائكة من ريح خلقت من الماء. والجن من نار خلقت من الماء. واما آدم خلق من تراب مخلوق من ماء أو مخلوط بماء. وان قلت ان اريد بالماء النطفة لم تدخل فيه دواب لم تخلق من نطفة بل من مجرد تراب أو طعام أو شراب أو غيره؟ قلت نزل الغالب منزلة الكل وان علقنا من ماء بمحذوف نعت لدابة لم يرد علينا شيء. { فَمِنْهُم } هذا الضمير اصل في العقلاء واستعمل هنا في العقلاء وغيرهم تغليبا * { مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ } كالحيات والحيتان واستعمل من بغير العاقل هنا وفي قوله { وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَع } لوقوعها في تفصيل عموم شمل العاقل وغيره فان كل دابة عام شامل للعاقل وغيره وقد فصله بمن بفتح الميم ومن بكسرها وسمي الزحف على البطن مشيا استعارة لشبهه بالمشي أو لمشاكلة يمشي على رجلين ويمشي على اربع { وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ } كالآدمي والظاهر استعملت فيه من للعاقل وغيره تغليبا مثل { افمن يخلق كمن لا يخلق } مع زيادة تقدم العموم ولك ان تجعل من في المواضع الثلاثة نكرة موصوف وحكمها حكم الموصولة. { وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ } كالانعام والبهائم والسباع وليس المراد الحصر في ذلك فان قولك منه كذا ومنه كذا تارة يستعمل في الحصر وتارة في غيره فمن الحيوان ما يمشي على ثلاثة ارجل ومنها ما يمشي على اكثر من اربع كالعناكب والعقارب ومنها ما له اربع واربعون رجلا وغير ذلك بل ذلك نادر لا يرد على الحصر. وقيل ان ما كان اكثر من اربع له انما يعتمد في المشي على اربع والباقي تبع لها ولا يبعد ان يكون ماله ثلاث اعتماده على اثنين وانكر بعضهم ان يكون لدابة ثلاثة ارجل. وفي قراءة ابيّ ومنهم من يمشي على اربع ومنهم من يمشي على اكثر وانما قدم ما يمشي على بطنه لانه اعجب واعرف في القدرة إذ يمشي بغير آلة المشي وذكر بعده ما يمشي على رجلين فقط { يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ } مما علم ومما لم يعلم وما خطر على بال وما لم يخطر والاصل واحد والقدرة تتنوع والحكمة تقتضي ذلك * { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ } فيفعل ما يشاء لا يعجزه شيء فلا يسارع احد إلى انكار شيء حكي له من صنع الله.