الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ }

{ اللَّهُ نُورُ السَّمَٰوَاتِ وَالأَرْضِ } قال جابر ابن زيد سئل ابن عباس رضي الله عنه عن قوله تعالى { اللَّهُ نُورُ السَّمَٰوَاتِ وَالأَرْضِ } فقال عدل السماوات والارض وهو هادي من في السماوات والارض وكذا قال الحسن وقتادة وعمر ومحمد وأبو مسلم المكي ومجاهد كقوله * { مَثَلُ نُورِهِ } الخ اي مثل عدله وهدايته فانه سبحانه ليس له مثل. وفي السؤالات وان قال الله جسم فقد اشرك وكذا ان قال لا جسم كالاجسام يعني وكذا ان قال أو عرض فقد اشرك أو عرض لا كالاعراض بل يقال شيء لا كالاشياء قال وكذا ان قال نورا ونور لا كالانوار أو نور النور فقد اشرك يعني ان لم يقصد بالنور ما اريد به في الآية. وان قال { اللَّهُ نُورُ السَّمَٰوَاتِ والأَرْضِ } فذلك توحيد ومعناه عدل السماوات والارض. وقيل هادي من فيهما. وقيل منورهما اي خالق نورهما { مَثَلُ نُورِهِ } اي مثل هذا. قال في شرح الجهالات الا ترى إلى قول { مَثَلُ نُورِهِ } فجعل المثل للنور والله تعالى ليس له مثل وقد قال الله تعالىفلا تضربوا لله الامثال } ونوره هدايته نور السماوات والارض هادي من فيهما وانما لم يجز اطلاق النور على الله سبحانه وتعالى لان النور اما جسم كجرم النار وجرم الشمس واما عرض كشعاعهما الواقع على الاجسام والله لا يوصف بعرض ولا بجسم والنور الذي بمعنى الشعاع كيفية تدركها الباصرة أو لا وتدرك بواسطتها سائر المبصرات. ثانيا فاطلاق اسم النور لله اما لانه كما يهتدى بالنور في الاماكن المظلمة يهتدى بالله سبحانه في ظلمات الجهل كقولهم للرئيس في التدبير نور القوم واما على حذف مضاف اي مولى نور السماوات والارض ونورهما مراد به الكواكب والشمس والقمر وشعاعهما والنار وشعاعها أو نورهما الملائكة والانبياء والشريعة أو جميع ذلك على جواز الجمع بين الحقيقة والمجاز واما على منور السماوات والارض فانه نورهما بما ذكر وقد قرئ الله منور السماوات والارض واما على ان النور بمعنى العدل الذي هو وصف بل قائم مقام الوصف أو الذي هو مصدر فيقدر مضاف اي ذو عدل السماوات والارض واطلق النور على العدل لان العدل كالنور والجور كالظلمة. واما على معنى موجد السماوات والارض وانما اطلق النور واريد به الموجد لان النور ظاهر بذاته مظهر لغيره واصل الظهور الوجود كما ان اصل الخفاء العدم والله سبحانه موجود بذاته موجد لغيره. واما على ان النور هو الذي به تدرك الباصرة أو الذي يدرك به اهلها الاشياء من حيث انه يطلق على الباصرة لتعلقها به أو لمشاركتها له في توقف الادراك عليه ثم اطلق النور على البصيرة لانها اقوى ادراكا فانه يدرك نفسها وغيرها من الكليات والجزئيات المعدومة والموجودة وتغوص في بواطنها ويتصرف فيها بالتركب والتحليل ثم ان هذه الادراكات ليست لذاتها والا لما فارقتها فهي إذا من سبب يفيضها عليها الله سبحانه وتعالى ابتداء أو بتوسط من الملائكة والانبياء عليهم الصلاة والسلام ولذلك سموا انوارا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7